للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صفة من يلي الإمام في الصلاة]

قال صلى الله عليه وسلم: (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى).

هذا حكم آخر من الأحكام التي نتعلمها، أي: لو كان الإمام أقرأ الناس فمن يلي الإمام؟ قال: أولوا الأحلام والنهى.

وأصحاب الأحلام يعني: البالغين، لا يأتي مجنون يصلي وراء الإمام، وإذا وجد حفاظ للقرآن فهم الذين يكونون وراء الإمام، ولا يتهاون حفاظ القرآن بهذا الشيء، كل منهم يصلي في مكان والإمام يخطئ فلا يجد من يرد عليه، أو تأتي الأصوات من آخر المسجد، فيحصل تشويش وإزعاج، فليكونوا خلف الإمام ليفتحوا على الإمام إذا أخطأ.

وإذا حصل للإمام عذر خرج من الصلاة وقدم واحداً من أولي الأحلام والنهى، أي: إنساناً عاقلاً كبيراً في السن، عالماً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان الصحابة يعرفون ذلك فيقدمون خلف النبي صلى الله عليه وسلم من يكون أقرب وأحق بالإمامة بعده صلوات الله وسلامه عليه.

وبعد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يصنعون ذلك، يذكر رجل من التابعين أنه أتى المدينة وكان أحب شخص إليه في المدينة أبي بن كعب رضي الله عنه، وما كان يعرفه، وكان شاباً حدثاً في السن، فصلى هذا الشاب خلف الإمام، قال: فجاء رجل وتقدم ونظر فعرف القوم إلا أنا فما عرفني، فأخرني للصف الثاني وصلى في مكاني.

فالرجل كأنه في الصلاة حصل في نفسه شيء، كيف يردني ويرجعني، فلما انتهت الصلاة قال لي: لا يسؤك الله يا غلام، ولكن هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه قال: (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى)، إذاً: يكون الذي وراء الإمام حافظاً للقرآن، أو الذي يصلح أن يكون إماماً.

فيتعلم الإنسان أنه إذا وجد من هو أفضل منه في الخلف وهو خلف الإمام أن يترك هذا المكان له.

الأمر الثاني: أنه قد يكون الإنسان الذي خلف الإمام لا يعرف فقه الصلاة، فيحدث شيء فيخرج من الصلاة وليس من حقه أنه يخرج، ويزعج الإمام وهو خلفه، وأحياناً بعض الناس يكون في عقولهم شيء من خبل أو غيره، وأحياناً يتركه الناس يصلي خلف الإمام، وهو أثناء الصلاة يتحرك أو يرفع صوته بالكلام، وهذا ليس مكانه أبداً، قال صلى الله عليه وسلم: (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى).

أحياناً يكون الذي خلف الإمام طفلاً صغيراً، فإذا أحدث الإمام أو نابه شيء، فلا يليق أن يصلي بالناس طفل صغير، فنتعلم أن الذي خلف الإمام لا يكون من الصغار في السن، حتى تحفظ ثم تأتي خلف الإمام عندما تكبر.

الذي يصلي خلف الإمام هو الأحق بالإمامة، فحفاظ القرآن يكونون خلف الإمام بحيث يفتحون عليه، وينبهونه إذا أخطأ في الصلاة.

(ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم): الإمام يقف في وسط المسجد، وهذا أشرف مكان في المسجد، وهو الذي جعل لسيد الخلق صلوات الله وسلامه عليه، وبعده اليمين ثم الشمال، بعض الناس لا يعرف ذلك، فتجده يأتي المسجد ويذهب إلى جهة اليمين ولو وصل لآخر المسجد أو خرج للشارع ليصبح في اليمين.

وأحياناً تدخل المسجد فتجد أن المصلين في ناحية من الصف والباقي فارغ، هذا لا يجوز، لأنه لابد من وصل الصفوف كما أمر صلى الله عليه وسلم، فأفضل شيء أن تبدأ الصفوف من خلف الإمام.