خلق الله سبحانه تبارك وتعالى ما يباح للخلق كلهم، وخلق الله عز وجل ما يشرع للبعض من عباده وما لا يجوز للبعض الآخر، فالذي يملك أن يشرع ويأمر وينهى هو الله سبحانه، وله الحكمة العظيمة في كل شيء، الله عليم حكيم، فالله خلق للناس اللباس، وأنزل للناس ريشاً يستمتعون به، وكسوة يستدفئون بها، ويلبسونها ويتزينون بها، وقد أباح لهم على العموم أن يلبسوا، وقال لهم:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[الأعراف:٣١ - ٣٢].
إذاً: ما أباحه الله عز وجل واستمتع به المؤمن في الدنيا من نعم فهي خالصة له، وهي حلال له، ويوم القيامة لا يحاسب عليها، ولن يقال له: لم لبست كذا وقد أباحها الله عز وجل؟ ولكن حرم أشياء على العباد إما لكونها لا تليق بهم أن يلبسوها، أو لخبثها ونجاستها فهي لا تلبس.
أما الذي حرم وليس مستقذراً أو نجساً كالحرير فقد حرمه الله سبحانه على الرجال، وحرم مثله الذهب لحكمة منه سبحانه، وجعله ابتلاء يبتلي به العباد، وإن هذه محرمة عليكم في الدنيا وسوف تلبسوها في الجنة، فإذا لبستموها الآن في الدنيا فيحرم عليكم أن تلبسوها في الجنة، والجنة لا يحرم الله عز وجل على أهلها شيئاً فيها، إذاً: فسوف يحرم من دخول الجنة من لبسه في الدنيا؛ لكونهم فعلوا ما حرم الله سبحانه تبارك وتعالى عليهم.
فأباح الذهب والحرير للنساء، وحرم الذهب والحرير على الرجال لحكمة منه سبحانه تبارك وتعالى.