[حكم إظهار التوجع والألم للغير]
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الإمام النووي رحمه الله: [باب جواز قول المريض أنا وجع، أو شديد الوجع، أو موعوك، أو وارأساه ونحو ذلك، وبيان أنه لا كراهة في ذلك إذا لم يكن على التسخط وإظهار الجزع.
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فمسسته فقلت: إنك لتوعك وعكاً شديداً.
فقال: أجل.
إني أوعك كما يوعك رجلان منكم) متفق عليه.
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: جاءني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعودني من وجع اشتد بي، فقلت: بلغ بي ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي، وذكر الحديث.
متفق عليه.
وعن القاسم بن محمد قال: قالت عائشة رضي الله عنها: (وارأساه! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أنا وارأساه!) وذكر الحديث.
رواه البخاري].
هذا باب آخر من كتاب رياض الصالحين للإمام النووي رحمه الله، وفيه جواز قول المريض: أنا وجع، أو شديد الوجع.
يعني: أن الإنسان في مرضه يتألم ويتوجع.
وكان بعض الصالحين من السلف لا يحب أن يظهر التوجع ولا يرفع صوته لإظهاره، وكان البعض يرى ذلك مباحاً جائزاً.
فهنا الإمام النووي يقول: هذا لا كراهة فيه، فلا بأس بقول الإنسان: آه، أو أنا وجع، أو أنا أتألم لكن بشرط ألا يكون ذلك من باب التسخط على الله سبحانه وتعالى.
فالإنسان الذي يتسخط على قضاء الله وقدره يضيع أجره في ذلك، ولا يملك لنفسه شيئاً إذ قد نزل المرض، ووقع البلاء، ولا يرفعه إلا الله سبحانه وتعالى.
فمن صبر ورضي فله الرضا والأجر، ومن تسخط على ذلك فاته الأجر على ذلك، وإنما الصبر عند الصدمة الأولى.