يتحدث الإمام النووي رحمه الله في هذا الباب عن القناعة، والقناعة من قنع يقنع بالشيء إذا اكتفى بما آتاه الله سبحانه وتعالى، ورضي في نفسه بما أعطاه الله سبحانه.
فينبغي على الإنسان أن يتحلى بالقناعة والعفاف والاقتصاد في المعيشة والإنفاق وذم السؤال من غير ضرورة.
من ذلك ما جاء في القرآن من قول الله سبحانه:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}[هود:٦].
وهو الذي خلق الخلق فقال:{أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ}[الأعراف:٥٤].
فخلق وأمر سبحانه وتعالى، وتفرد بخلق العباد وجعل لكل إنسان رزقاً قسمه الله عز وجل له، فعلى الإنسان أن يقنع بما قسم الله عز وجل له، ويسعى في طلب هذا الرزق الذي قسم له من بابه ومن وجهه، فيعمل ويتعب نفسه حتى يصل إليه رزقه وقوته؛ لينفق على نفسه وعلى من يعول.
وعليه أن يثق في رزق الله سبحانه؛ لأن الله قد كتب عنده في الكتاب خلق الإنسان ورزقه، وعمله وهل هو شقي أو سعيد، وطالما أن هذا مكتوب فليسع الإنسان في تحصيل ما قد قسمه الله عز وجل له.
قال الله تعالى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}[هود:٦].
وهذا من ألفاظ العموم (ما من دابة) يعني: كل دابة خلقها الله عز وجل، وهي كل ما يدب على الأرض.
وقال تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ}[النور:٤٥] كل ذلك يخلقه الله سبحانه، فالذي خلق هذه الأشياء قسم لها أرزاقها.
فعلى الإنسان أن يثق في أن الله سيرزقه، ويبحث عن هذا الرزق، وليعلم أن الرزق لن يزيده حرص حريص ولن ينقص من إنسان لا يحرص عليه ولا يطلبه، ولن يمنعه منه أحد؛ لأنه ليس لإنسان على إنسان قدرة على أن يحرمه من رزقه، إنما الرزاق هو الله سبحانه، والرزق بيده وحده.