أما الأحاديث التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم فكثيرة، منها: الحديث الذي يذكره الإمام النووي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل سلامى) أي: مفصل، أو العظام التي بين المفصلين، وكأنه عظم في آخره مفصل.
وجاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن الإنسان فيه ثلاثمائة وستون مفصلاً، فأنت تتصدق بصدقة عن كل مفصل، يعني: كل يوم ثلاثمائة وستون صدقة تخرجها لله سبحانه وتعالى شاكراً له، حامداً على ما أخذت من النعم، وتعرف النعم حين ترى المريض، أو ترى رجلاً يده مشلولة، لا يعرف كيف يحركها، أو لا يستطيع أن يرفع اللقمة إلى فيه، وبذلك تعرف نعمة الله عز وجل عليك، وأن كل عضو من الأعضاء وكل عظمة من العظام وكل مفصل من المفاصل فيه خير لك وفيه من الله عز وجل فضل ونعمة عليك، فيفترض عليك أن تشكر الله على كل مفصل.
لكن يصعب على الإنسان أن يتصدق عن كل مفصل على حدة، ولذلك علمنا النبي صلى الله عليه وسلم ما هو أسهل من ذلك، وهو أنك تعرف هذه النعمة ثم تؤدي الحق مجملاً، قال صلى الله عليه وسلم:(تعدل بين اثنين صدقة) يعني: حين تصلح بين الاثنين بالعدل فهذا من الصدقة، وهذا هو الشاهد من هذا الحديث أنك تصلح بين إخوانك.
وعلمنا أشياء كثيرة في ذلك، قال:(تعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة) حين تعين الإنسان في حمل متاعه على دابته، لك في ذلك أجر ولك في ذلك صدقة.
(والكلمة الطيبة صدقة)، وتبسمك في وجه أخيك صدقة، وأمرك بالمعروف صدقة، ونهيك عن منكر صدقة، وتدل الرجل على طريقه وتهديه صدقة، وتعين الأعمى وتدله على الطريق صدقة، وتعين الأخرق الذي لا يقدر على صنع الشيء الذي في يده صدقة، وكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وعندما تقول: سبحان الله، الحمد لله، أو تصلي على النبي صلوات الله وسلامه عليه صدقة.
وإذا كان يصعب هذا كله فإن ركعتين من الضحى تجزئ عن ذلك كله، فكن دائماً موصولاً بربك سبحانه، بذكرك، وبأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر.
الشاهد من الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن العدل بين الاثنين، أي: تصلح بين اثنين على وجه العدل صدقة.