[سوء الخلق يباعد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن محبته يوم القيامة]
والعكس تماماً: أن أبغض الناس للنبي صلى الله عليه وسلم حتى وإن دخلوا الجنة بعد ذلك، لكن أبغضهم إليه في الدنيا، فالجنة ليس فيها بغضاء، ولكن في الدنيا، يبغضه النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كانوا في الجنة نقاهم الله من ذنوبهم، وكانوا بعيدين عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: إن أبغضكم إلي، وأبعدكم مني يوم القيامة: الثرثارون: وهو الذي يتكلم كثيراً، رجلاً كان أو امرأة.
(والمتشدقون) المتشدق: الإنسان الذي يتطاول على الناس بكلامه، يزعم أنه فصيح وأنه بليغ، وأنه يعرف ما لا يعرفه غيره، ويتكلم بما لا يتكلم به غيره، فهو يريد أن يتفاصح على الناس، ويريهم أنه أحسن منهم، هذا المتفاصح هو المتشدق، أي: الذي يملأ شدقيه بالكلام.
(والمتفيهقون): أصله من الفهق، وهو الامتلاء وكأن هذا الإنسان يملأ فمه بالكلام وليس في عقله شيء من الفهم، ليس لديه إلا كلام يقوله فقط.
وفرق بين متفيهق ومتفقه، فالمتفقه: هو العالم الذي صار الفقه له سجية، فالإنسان المتفقه يطلب العلم الشرعي، فهو متفقه، في دينه، والمتفيقه: صغير في طلب العلم، وقد يكبر يوماً من الأيام ويصل إلى درجة فقيه.
والمتفيهق: الذي يقول الكلمة دون أن يفهم معناها وقلبه فارغ، وعقله فارغ، وليس فيه إلا لسان يتكلم به، فيفتي في دين الله وهو لا يفهم فيه شيئا، وما أكثر من يتعاطى الفتوى في كتاب الله، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو لا يفهم شيئاً من ذلك.
فقال: إن هؤلاء أبعد الناس مجلساً عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، وهم: الثرثارون، والمتشدقون، والمتفيهقون.
(قالوا: فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون) أي: يستكبر بشيء ليس عنده، وهو ليس من أهل العلم، فيجعل نفسه من أهل العلم، فهو المتفيهق، الذي يملأ فمه بالكلام، قال الله، وقال الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو لا يفهم ما يقول، ولا يصح الذي يقوله.
فالمتفيهق المستكبر في العلم بما لم يحصله، هذا من أبعد الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
انظروا إلى حسن الخلق كيف كسب به الإنسان في الدنيا رضا الله سبحانه، ورضا الناس عنه، فلما كان يوم القيامة أدخله الله جنته، وجعله من أقرب الناس من النبي صلى الله عليه وسلم.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا كذلك، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.