ثم يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده).
المسلم هو الذي يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقيم الصلاة، ويؤدي الزكاة، ويصوم رمضان، ويحج البيت، فهذه هي أركان الإسلام، وهذه أفعال المسلم الذي يعتبر بها مسلماً، ولكن ما هي صفاته النفيسة وصفاته المعنوية والعملية؟ فأخبر النبي أن من صفاته يسلم المسلمون من لسانه ويده.
فالمسلم لله عز وجل مسالم للخلق، متواضع لله، ولذلك فالناس في سلامة منه وأمان، لا غدر ولا خيانة، ولا يضرب ولا يشتم، فهذا هو المسلم حقيقة، المسلم من سلم المسلمون من لسان ويده.
ثم ذكر المهاجر ولم يقصد به من هاجر من مكة إلى المدينة، فقد انتهت الهجرة من مكة إلى المدينة، وإنما المهاجر من هجر ما نهى الله عنه، وكأن المهاجر حقيقة: هو الإنسان الذي لا يعصي الله تبارك وتعالى، فذكر أن المهاجر هو المسافر إلى الله حتى يصل إلى رحمة الله وجنة الله سبحانه.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -عند البخاري - رضي الله عنه قال:(كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له: كركرة، فلما مات قال: هو في النار).
الرجل يخدم النبي صلى الله عليه وسلم والجزاء أنه في النار، فما الذي أودى به في النار وقد كان في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال لنا هنا:(هو في النار)، فذهبوا يفتشون ما الذي وراء كركرة هذا؟ فوجدوا عباءة قد غلها، يعني: سرق من الغنيمة عباءة، ما هي قيمة هذه العباية؟ لا شيء! لكنه دخل النار لأنه سرق من مغانم المسلمين، وهذه من الكبائر، فضيع أخراه بأنه مد يده في شيء محرم.
وفي حديث آخر ذكر أن هذا الرجل ما مات فقط بل قتل فقالوا: هنيئاً له الشهادة! فهو شهيد في نظرهم حيث جاء له سهم فقتله، فقالوا: هنيئاً له الشهادة، فقال صلى الله عليه وسلم:(لا والذي نفسي بيده إن الشملة التي غلها لتلتهب عليه ناراً).