من الآثار: أثر أنس بن مالك قال: (خرجت مع جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه تبارك وتعالى عنه في سفر فكان يخدمني).
وجرير أكبر من أنس بكثير في السن، فكان جرير هو الذي يخدم أنساً، وجرير كان في قومه كالملك، فقد كان في قومه سيداً، وكان رجلاً مهاباً شريفاً كريماً رضي الله تبارك وتعالى عنه، وكان بهياً جميل المنظر حتى أن عمر رضي الله عنه كان يقول عنه:(مشرف هذه الأمة) جرير بن عبد الله البجلي.
فخرج مع أنس بن مالك فكان جرير يخدم أنس بن مالك الذي هو أصغر منه سناً، فيقول أنس:(فقلت: لا تفعل) استحيا أنس رضي الله عنه، فقال له جرير بن عبد الله رضي الله عنه:(إني قد رأيت الأنصار تصنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً آليت على نفسي ألا أصحب أحداً منهم إلا خدمتُه) أي: إكراماً للنبي صلوات الله وسلامه عليه، وإكراماً لقومك أن أكرموا النبي صلوات الله وسلامه عليه.
وهنا جرير يكرم أنس بن مالك؛ لأن أنساً كان خادماً للنبي صلى الله عليه وسلم، فقد خدمه عشر سنوات، وأهل وأقارب أنس من الأنصار رضوان الله عليهم فعلوا للنبي صلى الله عليه وسلم كل خير، لذلك كان جرير البجلي يقول: إن للأنصار جميلاً على النبي صلى الله عليه وسلم وكأنه جميل على جرير نفسه، فيقول:(آليت -يعني: أقسمت- ألا أصحب أحداً من الأنصار إلا خدمته).