شرح حديث:(من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له)
عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية).
قوله:(من خلع يداً من طاعة) هذا في ديار الإسلام، إذا كان الحكام مسلمين يحكمون المسلمين بشرع رب العالمين سبحانه، وسواء كان هؤلاء الحكام مطيعين أو عصاة وتولوا الأمر على المسلمين، فإذا حكموهم بكتاب الله عز وجل وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم فالواجب على المسلم السمع والطاعة، فإذا خلع اليد من الطاعة، وخرج على الحاكم الذي يحكم الناس بالمعروف، ويقول: أنا أولى بالخلافة من هذا، أنا أولى بالإمارة، ويخرج ومعه جيش، ثم كل إنسان يرى أنه أفضل من غيره، وأنه يستحق أن يملك الحكم دون غيره، ويقتتل المسلمون بعضهم مع بعض، ويتحكم أعداء المسلمين في المسلمين، فكلما تنازع المسلمون وجاءت الفتن من داخلهم قوي أمر أعدائهم، وزادت شوكتهم على المسلمين؛ فلذلك يحذر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين من المناوشات فيما بينهم بسبب الطمع على الدنيا حتى وإن غلفوا ذلك بثوب الدين، وقالوا: نحن أفضل من هذا، ونحن لو نشكل حكومة سنعمل كذا، ونعمل كذا، ونكون أفضل من هذا، وما يدريك أن الله عز وجل يفتنك إذا كنت على هذا الأمر؟! فطالما أن الحاكم الموجود يحكمك بالمعروف بشرع الله عز وجل بدين رب العالمين، فليس لك أن تخرج عليه حتى وإن ظلمك، فإذا خرج الإنسان عليه وقال: لا طاعة، وكل إنسان قال: لا أسمع ولا أطيع، ويأتي الكفار إلى بلاد المسلمين فيقول للناس: اخرجوا جاهدوا! فيقول هذا: لا أجاهد معه، والآخر يقول: لا أجاهد معه، والثالث يقول: لا أجاهد معه، فلا يكون هناك جيش للمسلمين، فيدخل الكفار ديار المسلمين، وينتهكون حرمات المسلمين، ويأخذونهم عبيداً وأسرى عندهم، وينتهكون نساء المسلمين، وتضيع ديار المسلمين، وهذا بسبب هذا التفكير القاصر، وقوله: أنا الذي أصلح للخلافة، ولن أسمع ولن أطيع لهذا، فتضيع البلاد.
فالنبي صلى الله عليه وسلم يأمر المسلمين أن يكونوا جماعة، والإنسان الذي يخرج عن ذلك فكأنه خلع ربقة الإسلام من عنقه، خلع حبل الإسلام الذي يأمره أن يكون مع المسلمين، قال عليه الصلاة والسلام:(من مات وليس في عنقه بيعة)، أي: في دار الإسلام، ووجود من يحكم المسلمين بكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، براً كان أو عاصياً، فبره ينفع نفسه وينفع الناس، وعصيانه على نفسه، وإذا أمر بالمعصية فلا سمع ولا طاعة في المعصية، وإذا أمر بالمعروف فله السمع والطاعة، لكن لا يفترق المسلمون، ولا يطلب كل منهم لنفسه رياسة أو حكماً، فإن من يطلب ذلك لا يعينه الله عز وجل عليه، يقول:(من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) أي: كميتة أهل الجاهلية.