يقول الإمام النووي رحمه الله:[باب ما يقول إذا لبس ثوباً جديداً أو نعلاً أو نحوه].
عندما ينعم الله على العبد بنعمة من نعمه سبحانه ويكسوه ثوباً أو حذاءه ماذا يقول العبد؟ روى أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن، وصححه الشيخ الألباني، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوباً) إذا لبس ثوباً جديداً صلى الله عليه وسلم (سماه باسمه) هذا قميص هذه عمامة هذا نعل (سماه باسمه -عمامة أو قميصاً أو رداء- يقول: اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه)، ولعله سماه باسمه هنا في قوله: كسوتنيه يعني: يقول: اللهم لك الحمد أنت كسوتني هذا القميص، أنت كسوتني هذا الرداء، أنت كسوتني هذا الإزار، فيسميه باسمه:(أسألك خيره وخير ما صنع له)، هذا الدعاء الطيب الجميل من النبي صلى الله عليه وسلم يعلم المؤمن أن يشكر نعمة الله سبحانه تبارك وتعالى، ولا يحتقر نعمة الله عليه، فيشكر الله بخصوص هذه النعمة التي أنعمت عليه، أعطيتني هذا القميص، هذا البنطلون، فتذكر الشيء باسمه وأن الله أنعم به عليك سبحانه تبارك وتعالى.
قال:(أسألك خيره) يعني: خير هذا الثوب، الثوب فيه خير وفيه شر، خير الثوب: أن تلبسه ويكون واسعاً عليك فضفاضاً يكسوك ويستر عورتك ويقيك الحر ويقيك البرد.
هذا من خير الثوب.
وشر الثوب: أن يكون على الإنسان ضيقاً، يدعو الإنسان للخيلاء فيستكبر على الخلق ويرى أنه أفضل منهم، وأنه أحسن منهم بهذا الثوب، أو بهذا النعل الذي لبسه.
(أسألك خيره وخير ما صنع له) مصنوع لماذا؟ لأني ألبسه أتدفأ به أم أفتخر به على الناس؟ (وأعوذ بك من شره) شر الثوب ما فيه إذا كان ضيقاً أو يؤذيه أو لباس شهرة أو لباساً محرماً (وشر ما صنع له) أي: صنع من أجله للخيلاء والغرور أو للكيد للناس، أو لإظهار المفاتن والعورات، فيتعوذ بالله من شر ما صنع له هذا الثوب.
فينبغي على المسلم إذا وهبه الله ورزقه رزقاً أن يحمد الله سبحانه تبارك وتعالى ويشكره، قال سبحانه:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}[إبراهيم:٧]، ووعد من الله سبحانه تبارك وتعالى أنك كلما شكرت زادك الله سبحانه ولم يحرمك:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}[إبراهيم:٧]، فإذا كفر العبد بالله سبحانه أو جحد النعمة نزعها منه، كمن يقال له: احمد الله وتذكر نعمه عليك، فيقول: لماذا فلان يلبس كذا؟ كأنه يستكثر نعمة الله سبحانه عليه؟ ولا يعرف الحق لصاحبه سبحانه تبارك وتعالى، فهذا يجحد نعمة الله، ويستحق عذاب الله، لذلك مهما أنعم الله عز وجل عليك من نعمة، قد رأيتها في الماضي كبيرة أو صغيرة كل نعم الله عز وجل على عبده كبيرة، والعبد قد يعرف الفضل في هذا الشيء وقد لا يعرفه، ولكن الله يعلم سبحانه تبارك وتعالى، فاشكر الله سبحانه واحمده على ما آتاك من نعمة، فبذلك تدوم عليك النعمة بحمدك وشكرك لله سبحانه، ويعطيك خيراً منها.
نسأل الله من فضله ورحمته؛ فإنه لا يملك ذلك إلا هو.