وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه).
صلة الرحم سبب في زيادة الرزق زيادة حقيقة، وفي زيادة عمر الإنسان أي: البركة في عمره.
فالإنسان الذي يصل رحمه يفتح الله له أبواب الرزق وإن لم يشعر بذلك، كأن يكون موظفاً وله راتب معلوم، فمن البسط في الرزق أنَّ الله يمنع عنه مرضاً أو فساداً يضيع عليه ماله، فالله عز وجل أعلم ما يكون بالعبد منه.
فالإمام النووي هو صاحب كتاب رياض الصالحين وكتاب المجموع وكتاب تهذيب الأسماء واللغات وكتاب روضة الطالبين، وكان الإمام النووي رحمه الله له اثنا عشر درساً، درس في الحديث وفي أصول الفقه وعلم الحديث وعلم الفقه وعلوم كثيرة فهو صاحب المؤلفات الضخمة، وتوفي وله من العمر ست وأربعون سنة هجرية، قال تعالى:{وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا}[الكهف:٢٥]، فعلى الحساب الهجري سيكون زيادة تسع سنين، وعلى الحساب الشمسي ثلاثمائة سنة وتسع سنوات، فإن كل مائة سنة تزيد بثلاث سنين.
والإمام الشوكاني رحمه الله مات وعمره أربع وخمسون سنة، والإمام الشنقيطي رحمة الله عليه صاحب المؤلفات العظيمة التي أخذ الناس منها فقهه وعلمه وألفوا عليها الكتب الكثيرة جداً، مات وله من العمر أربع وخمسون سنة وهو إمام الدنيا رضي الله تبارك وتعالى عنه.
فبارك الله عز وجل لهم في أعمارهم، فكانت أعمارهم طاعة لله سبحانه، فما يستطيع أحد أن يحصل على الذي كان يحصله الإمام النووي في اليوم الواحد من الدروس، ولكن تشبه بهؤلاء فصل رحمك وأطع الله سبحانه وعامل جارك المعاملة الحسنة يبارك لك في رزقك ويبارك لك في أثرك بما تستحقه أنت في الجانب الذي أنت فيه.
فزيادة الله عز وجل للإنسان في عمره معناها: البركة في العمر، فما يعمله في السنة الواحدة أضعاف ما يعمله غيره في سنوات، فالصحابة رضوان الله عيهم بارك الله عز وجل لهم في أرزاقهم وفي ثوابهم عنده تبارك وتعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)، أي: لو أنفقت مثل جبل أحد ذهباً ما بلغت من نفقة أحدهم مداً واحداً، أي: مثل قبضة اليد الواحدة، كذلك فضل الله سبحانه يؤتيه من يشاء، فالمسلم يفعل الخيرات ويحرص على أرحامه وعلى أمه وأبيه وعلى جيرانه ويكرم ضيفه، وربنا سبحانه وتعالى يعطي هذا الإنسان من الرزق في الدنيا وفي الآخرة.