في آخر الحديث يقول النبي صلوات الله وسلامه عليه:(وبينما صبي يرضع من أمه، فمر رجل راكب على دابة فارهة وشارة حسنة).
يذكر النبي صلى الله عليه وسلم من ضمن المتكلمين في المهد طفلاً كان يرضع من ثدي أمه، فمر رجل على دابة عظيمة كبيرة -جبار من الجبابرة- له شارة حسنة، والأم عادة تريد أن يكون ابنها في أعلى المنازل في نظرها، فلو رأت وزيراً مثلاً تمنت أن يكون مثله، ولا تعلم أنه إنسان مستكبر نهايته أن يكون من أهل النار، فقالت:(اللهم اجعل ابني مثل هذا، فقال الغلام: اللهم لا تجعلني مثله! قال: فأقبل على ثديها فجعل يرضع، ثم مروا بجارية يضربونها ويقولون: زنيت سرقت، وهي تقول: حسبي الله ونعم الوكيل، فقالت أمه: اللهم لا تجعل ابني مثل هذه) الدعوة هنا معناها: يا رب لا تجعله يتعذب مثل هذه، أو بائساً مثلها، وإذا المعجزة الثانية يقول: إنه ترك ثديها وقال: (اللهم اجعلني مثلها).
فتراجعا الحديث فقال الولد لأمه: إن ذلك الرجل الذي مر كان جباراً، آخرته إلى النار، وأنا لا أريد أن أكون من أهل النار، فقلت: اللهم لا تجعلني مثله، أي: لا أريد أن أكون جباراً مثله، وإن هذه يقولون لها: زنيت ولم تزن، وسرقت ولم تسرق، فقلت: اللهم اجعلني مثلها؛ لأنها تقول: حسبي الله ونعم الوكيل، فهي على التوحيد، وهي مظلومة، وآخرتها إلى الجنة، فأنا أريد أن أكون من أهل الجنة مثل هذه المرأة.
الغرض: أنه كم من إنسان ينظر إليه الناس على أنه ضعيف بائس سيئ ثم يكون أفضل منهم.