للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر ما يقوله المريض إذا اشتد عليه المرض]

وإذا كان المرض قد اشتد على الإنسان المريض حتى أتعبه فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهاه أن ييأس، أو يدعو على نفسه بالموت، فإن كان لابد فاعلاً فليدعُ بخير ويقول: (اللهم أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي)، إذاً: فهنا أرجعت الأمر والعلم إلى الله سبحانه وتعالى، ولعل الإنسان يعيش وهو مبتلى وتكون الحياة شراً له، مع أن المرض يكفر الله عز وجل به من سيئاته، ويرفع به في درجاته، فلعله لا يصبر، ولعله يتضجر من هذا المرض، أو ينعي حظه أنه كيف هو الذي مرض وغيره من الناس صحتهم سليمة، وبذلك ينتقد قضاء الله عز وجل وقدره، فإذا وصل الإنسان إلى القنوط واليأس ضيع ثوابه في هذا المرض الذي قدره الله عز وجل له ليرحمه به.

إذاً: فيدعو بقوله: (اللهم أحيني ما علمت الحياة خيراً لي)، إذا كانت الحياة زيادة في الذكر، وزيادة في العمل الصالح، وزيادة في الخير، وزيادة في الصبر فأحيني طالما أن الحياة خير لي.

(وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي)، فإذا كانت حياتي شراً لي بحيث إني لا أقدر على هذا المرض ولا أصبر عليه وأتضجر منه، وأموت على غير ما أحب فتوفني، (إذا علمت الوفاة خيراً لي).

وإذا كان الإنسان في السياق في آخر حياته وعرف أنه يموت فيقول الدعاء الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى)، والرفيق: جنس، والرفيق من الرفقاء، والرفقاء في أعلى عليين عند الله عز وجل، وهذا الحديث في صحيح البخاري ومسلم بهذا الوصف.

في زيادة عند الإمام أحمد تبين من هم الرفقاء قال: (مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً)، إذاً: فهؤلاء هم الرفيق الأعلى عند الله عز وجل الذين طلب النبي صلى الله عليه وسلم أن يلحقه ربه سبحانه بهم.

ومن الأحاديث الذي جاءت هنا في رياض الصالحين: ما رواه الترمذي بإسناد ضعيف عن عائشة رضي الله عنها قالت: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالموت عنده قدح فيه ماء، وهو يدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء، ثم يقول: اللهم أعني على غمرات الموت وسكرات الموت).

إذاً: فهذا دعاء من الأدعية التي يقولها الإنسان: يا رب أعني على غمرات الموت وسكرات الموت، وكأن الغمرات: المقدمات وشدائد الموت، وسكرات الموت مقدماته التي تقوى على الروح حتى تغيبها عن إدراكها، فيدعو ربه سبحانه أن يعينه على ذلك.

فالإنسان في مرضه يستشعر لا حول ولا قوة إلا بالله، وأنَّ الله هو الذي يعينه ويقويه، وأن الله هو الذي يمكنه من أن ينطق بكلمة التوحيد: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فيدعو ربه سبحانه أن يعينه على ذلك.