[شرح حديث:(إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب]
من الأحاديث التي جاءت في أمر الستر هنا حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها).
إنسان عنده أمة، والآن لا يوجد إماء، ولكن هذا حكم من الأحكام التي ينبغي فيها الستر الجميل، فالأمة إذا وقعت في الزنا فلسيدها أن يقيم عليها الحد، والحد هنا ليس رجماً، ولكن الحد هو الجلد، فيجلدها خمسين جلدة، وبعدما يقيم عليها الحد قال:(ولا يثرب)، أي: لا يعيرها ويقول لها: يا زانية! يا من أتيت الفاحشة! لماذا؟ لأن الإنسان لو اعتاد هذه الكلمة على لسانه فإنه سوف يفضحها بذلك، وحينئذ سوف تفضل أن تقع في الفاحشة طالما أنها قد افتضحت، ومعلوم أن الإنسان الذي يقع في الفاحشة أو المعصية يستر على نفسه؛ لأنه يخاف أن يعرف الناس ذلك، فإذا عرف الناس هذا الشيء فحينئذ سوف يكشف برقع الحياء، ولن يستحي من الناس بعد ذلك، بل وسوف يعملها ويجاهر بها، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لسيد الأمة:(فليجلدها الحد ولا يثرب)، فأقم عليها الحد، واجلدها خمسين جلدة، ولكن لا تفضحها، ولا تشهر بها، ولا تعيرها بهذا الشيء، وإلا كشفت عنها ثوب الحياء، وسوف تقوم هي بعد ذلك فتقع مرة وراء المرة، ولا يهمها شيء.
قال صلى الله عليه وسلم:(فإن زنت الثانية فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعر)، ففي المرة الثالثة أمره أن يبيعها، لأنه لا يستطيع أن يعفها، وسيد الأمة إما أن يأتيها هو، وإما أن يزوجها حتى تستعف، ولكن هذا لا يأتيها ولا زوجها، إنما تركها تزني، فعليه إذاً أن يبيعها طالما أنه لم يقدر على أن يكفيها عن الحرام.