قال الله سبحانه:{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}[لقمان:٣٤]، هذا كلام عظيم لمن يتأمل ويتدبر فيه، فهو عظة، أنت لا تدري ماذا ستكسب في غدك، من حسنات؟ وماذا تكتسب من سيئات؟ لا تدري ولكن الله يدري، ويعلم سبحانه وتعالى.
يصبح الإنسان يفكر ويقول: سأعمل وأعمل وأعمل، ولا يقدر أن يعمل شيئاً مما نوى أن يفعله إلا أن يعينه الله، وقد لا يوفقه.
قوله:{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}[لقمان:٣٤] أي: هذا الإنسان لا يدري متى يموت وفي أي مكان يموت؛ لأن المرء قد يبني له مقبرة وفي النهاية يسافر فيموت ويدفن في مكان آخر، وتذكرون المليونير اللبناني الذي عمل لنفسه مقبرة، وكان يريد أن يستهزئ من الموت، فهو لما عمل مقبرة قال لأهله: إذا أنا مت فاعملوا لي حفلة كل سنة في يوم موتي، وذلك بأن تأتوا وتغنوا وترقصوا عند المقبرة، ويشاء الله سبحانه وتعالى أن هذا الإنسان يركب طائرة، وهذه الطائرة تسقط في البحر فيغرق كل من فيها ويخرجون من البحر إلا هو لم يخرج من البحر، وإنما ضاع في البحر، {ومَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}[لقمان:٣٤]، يعني: لست أنت الذي تحدد أين تموت، ولكن الله عز وجل هو الذي يحدد مكان الموت، وأين يموت الإنسان.
وهذه قصة عجيبة جداً، تحت عنوان:(لعنة الله على هذه المومياء)، يقول صاحب القصة يحكي عن نفسه: إنه كان رجلاً فقيراً وكانت هناك امرأة غنية عجوزة، فأحب أن يتزوج هذه المرأة من أجل أن يرثها، بعد أن تموت، فاستمر مع هذه المرأة فترة طويلة ولم تمت، وكانت بخيلة شحيحة، وهو منتظر على هذه المرأة أن تموت فيرثها، لكنه لم يصبر فطلقها ثلاث تطليقات، فبعدما طلقها الثلاث تطليقات بدأ الشيطان يوسوس له أن يرجع لها مرة ثانية؛ لأنها كانت مريضة، فأحب أن يرجع إليها وهي مريضة من أجل أن تموت فيرثها، فإذا به يبحث عن حل للرجوع؛ لأنه لا يمكن الرجوع إليها إلا بعد أن تتزوج من غيره، فأتى بمحلل فتزوجها عند المأذون وبات معها ليلة حتى الصباح فماتت، فمشى الناس في الجنازة وصاحبنا قام يصوت ويلطم خده على المال الذي ضاع منه وورثه هذا الذي تزوجها.
انظروا الإنسان يريد أن يكسب في هذه الدنيا أشياء، فتراه يدبر ويخطط وفجأة ذهب الشيء منه لغيره، لو أنه رضي بما قسم الله عز وجل له لكان خيراً له، ما الذي جعله يبحث عن الحرام ليأخذ الحرام مع أنه لن يستمتع بهذا الحرام أبداً؟ قال الله سبحانه:{فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ}[الأعراف:٣٤] يعني: إذا جاء الأجل لا يستأخرون ساعة، ولا دقيقة ولا ثانية {وَلا يَسْتَقْدِمُونَ}[الأعراف:٣٤] يعني: لن يخطئ الملك ويأتيه قبل الموت بساعة ويقول له: سأقبض روحك الآن، ولكن على وقته يقبض الإنسان.