باب الموعظة عند القبر: القبر مكان أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالذهاب إليه لنتذكر الموت، وحثنا صلى الله عليه وسلم على الإكثار من ذكر الموت فقال صلى الله عليه وسلم:(أكثروا ذكر هادم اللذات)، فالموت هدم للذات الإنسان، أي: أنه هو الذي يزيل متعة اللذات لهذا الإنسان، ويخرجه عن لذته وعن متعته، ويفسد عليه متعة الدنيا.
فقوله صلى الله عليه وسلم:(أكثروا ذكر هادم اللذات؛ فإنه ما ذكر في ضيق إلا وسعه، ولا ذكر في سعة إلا ضيقها) يعني: أن الإنسان إذا جاءته أموال كثيرة وعنده ما يشاء من النعم، فإنه يحس أنه في نعمة وفي سعة كبيرة؛ فإن هذا المال يطغي الإنسان ويجعله يشعر أنه أعلى وأفضل من غيره، لكنه إذا تذكر الموت، وما بعده من الأهوال والشدائد، وتذكر السؤال بين يدي الله سبحانه تبارك وتعالى، فإن ذلك يجعله ينسى الكبر والاستعلاء فيتواضع ويخاف من هذا الموت.
إذاً: إذا ذكر الموت في السعة فإنه يضيق على الإنسان، كأنه يقول له: احذر، لا تغتر بهذه السعة التي أنت فيها.
كذلك إذا ذكر الموت في ضيق فإنه يفرج على الإنسان ما هو فيه من الضيق، أي: أنه إذا ضاقت نفس الإنسان فعليه بتذكر الموت؛ لأننا مهما عمرنا فإننا سوف نموت، فالموت يأتي على الكبير والصغير، والذكر والأنثى، والمسلم والكافر، فيأتي على الجميع، وطالما أن الموت سيأتي لا محالة، فلماذا نحزن فكل مصيبة دون الموت هينة.
فإذاً نستعد لأعظم المصائب وهو الموت، وما فيه من سؤال وحساب وعذاب، نستعد لذلك بالتوبة إلى الله عز وجل، والإكثار من ذكره سبحانه وتعالى.