[الحث على مصاحبة أهل الخير والتحذير من أهل الشر والسوء]
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي) وهذا حديث عظيم جميل رواه أبو داود والترمذي، وإذا لم يوجد مؤمن فلا تصاحب أحداً، والإنسان مع صاحبه كل منهما يقلد الآخر، وكل منهما يأخذ من خلق الآخر، والخلق الطيب يعدي، والخلق الرديء يعدي، واللهجة والكلام والألفاظ تعدي، والإنسان السيء النابي الألفاظ تجد الذي يصاحبه يقلده شيئاً بعد شيء حتى يصبح كلامه مثل كلامه بسبب المصاحبة، والمرافقة، وكثرة الأخذ والرد، ولذلك يأمرك النبي صلى الله عليه وسلم، أن تصاحب الإنسان المؤمن الذي يصلي ويصوم، ويعرف الله سبحانه وتعالى، الذي لا ينطق بالقبيح ولا يفعل القبيح.
(ولا يأكل طعامك إلا تقي): أنت قد تتعب في كسب المال وجمعه، فإذا حصلت على مال واشتريت به طعاماً ثم أعطيته لإنسان شقي فاسد يأكله فإنه لن يشكرك، فهو عند الله عز وجل ليس له منزلة ولا له قدر، فلن يشكرك هذا الإنسان.
لكن التقي إذا أعطيته القليل شكرك، وحمد الله عز وجل وعرف لك قدرك وفضلك، ولعل الإنسان الصالح يأكل ويدعو لك، فتؤجر بدعاء هذا الإنسان وتؤجر بإطعامك له.
والإنسان الفاجر إذا أعطيته الكثير يحسدك، ويقول: أكل هذا عندك؟ إذاً أنت حرامي، وإذا أعطيته القليل، فضحك، وكلا الحالتين لن تنفع مع هذا الإنسان، تجد البعض يصلي وإذا عزمه إنسان ووجد العزومة كبيرة بدأ يحسده، ويقول: من أين أتى بالمال، هذه عزومة ملوك، وبدل أن يشكر هذا الإنسان ويدعو له بالبركة، يقول، من أين يأتي بالمال؟ ويحسده على نعم الله عليه! أما التقي فإنه يتقي الله سبحانه، ولن يتلفظ بلفظة نؤذيك؛ لأن لسانه منضبط بشرع الله سبحانه وتعالى، وأنت مستفيد من الصاحب التقي فإن في دخوله بيتك بركة وبدعائه لك، وبأكله من طعامك فكله خير.