هذا باب آخر وفيه حديث عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا حضرتم الميت أو المريض فقولوا خيراً؛ فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون) ومعنى يؤمنون: يقولون آمين، وآمين معناه: اللهم استجب، (فلما مات أبو سلمة قالت أم سلمة: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! إن أبا سلمة قد مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قولي: اللهم اغفر لي وله، وأعقبني منه عقبى حسنة) أي: أخلف علي من ورائه الخلف الحسن أو العقبى الحسنة، وهو بمعنى: عوضني عنه عوضاً حسناً.
قالت: فأعقبني الله من هو خير لي منه، وقد كانت متعجبة: مَن خير من أبي سلمة؟ وما كان يخطر ببالها أن يتزوجها النبي صلوات الله وسلامه عليه، ولذلك لما نظرت في الصحابة رأت زوجها أفضل شخص فيهم، ولم يخطر ببالها النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قالت ذلك كان الزوج الذي بعد أبي سلمة هو سيدنا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، قالت:(فأعقبني الله من هو خير لي منه: محمداً صلى الله عليه وسلم) رواه مسلم.
وفي رواية:(إذا حضرتم المريض أو الميت) وفي رواية: (الميت بلا شك)، ففيها أنه يستحب ذلك.
وفي رواية أخرى عنها:(أنها قالت عن النبي صلى الله عليه وسلم: ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إن لله وإنا إليه راجعون) أي: أن هذه الكلمة أيضاً تقال وقت المصيبة، فـ أم سلمة هي رواية هذا الحديث والحديث السابق، فهي تقول عن النبي صلى الله عليه وسلم:(ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أؤجرني في مصيبتي) أي: أعطني الأجر في هذه المصيبة (واخلف لي خيراً منها، إلا أجاره الله) أي: أعطاه الأجر في مصيبته (وأخلف له خيراً منها.
قالت: فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخلف الله لي خيراً منه: رسول الله صلى الله عليه وسلم) هذا الحديث رواه مسلم، وفيه زيادة قول:(إنا لله وإنا إليه راجعون)، وهي كلمة تطمئن العبد وتجعل نفسه هادئة غير مثارة، وهي تعني: أننا لله سبحانه، فهو يملكنا سبحانه، وهو الذي أخذ هذا وسيأخذني كما أخذه، فكلنا راجعون إليه سبحانه.
فإذا تذكر الإنسان هذا اطمأنت نفسه بالرجوع إلى الله عز وجل وبذكر الله كما قال تعالى:{أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[الرعد:٢٨].
نسأل الله العفو العافية في الدين والدنيا والآخرة.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.