[مشروعية الدعاء للميت بعد دفنه وعدم تحديده بوقت محدد]
لقد وردت أحاديث في الدعاء للميت بعد دفنه، والقعود عند قبره ساعة، يعني: فترة من الزمن يدعون خلالها للمتوفي عشر دقائق أو ربع ساعة أو أقل أو أكثر، بحسب ما يتيسر، من ذلك ما جاء عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال:(كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت؛ فإنه الآن يسأل)، هذا يقال بعد الانتهاء من الدفن عند القبر، فيقال للناس: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقف ويقول: اللهم ثبته، والناس يؤمنون على دعائه، لم يحصل هذا أبداً، ولو حصل لورد ورواه الرواة، ولكن كان صلى الله عليه وسلم يأمر الناس بأن يدعوا؛ لأن الدعاء على الانفراد يكون فيه الإخلاص أكثر، فكل واحد من الحاضرين يدعو له بما يستحضر من الدعاء، فهذا يدعو له بالمغفرة، وهذا يدعو له بالرحمة، وهذا بالعفو.
وقوله صلى الله عليه وسلم:(واسألوا له التثبيت)، يعني: حين يأتيه الملكان للسؤال، وهذه أعظم الفتن التي يتعرض لها الإنسان في قبره، حين يسأل ويقال له: من ربك؟ وما دينك؟ وما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ عليه الصلاة والسلام.
أيضاً جاء عن عمرو بن العاص رضي الله عنه، موقوفاً عليه وليس مرفوعاً للنبي صلى الله عليه وسلم، أنه وصى من حوله فقال:(إذا دفنتموني فأقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور، ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم، وأعلم ماذا أراجع به رسل ربي)، رواه مسلم، والأثر بطوله ورد فيه أن عمرو بن العاص قال لهم ذلك وهو في سياق الموت، فطلب ممن حوله أنهم إذا دفنوه أن يقفوا عند قبره، فترة من الزمن، ولم يكن معهم ساعات حتى يقدر الفترة، كأن يقول: عشر دقائق أو خمس دقائق أو نصف ساعة، فقدرها بقوله:(قدر ما تنحر جزور، ويقسم لحمها) أي: مدة ذبح الجمل، وتوزيع لحمه على الفقراء، وهذا سيأخذ ربع ساعة أو نصف ساعة، أو أكثر أو أقل.
وهذا التقدير لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقل ذلك، ولكن قال:(اسألوا الله له التثبيت؛ فإنه الآن يسأل).