[بيان فضل الصالحين والضعفاء والمساكين]
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، أما بعد: فقال المؤلف رحمه الله: [باب التحذير من إيذاء الصالحين والضعفة والمساكين.
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب:٥٨].
وقال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} [الضحى:٩ - ١٠].
وأما الأحاديث فكثيرة منها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الباب قبل هذا: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب).
ومنها حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه السابق في باب ملاطفة اليتيم، وقوله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا بكر! لئن كنت أغضبتهم فقد أغضبت ربك).
وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه، ثم يكبه على وجهه في نار جهنم)، رواه مسلم].
إن هؤلاء الصالحين والضعفاء والمساكين لهم فضيلة عند الله سبحانه وتعالى، فالصالحون أولياء الله سبحانه، والله يذكر أولياءه فيقول: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس:٦٢ - ٦٣].
فالمؤمن التقي ولي لله سبحانه، ولذلك ينبغي أن يحذر الإنسان أن يؤذي ولياً لله، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله عز وجل يقول: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب).
والفضل لا يختص بالصالحين فحسب، بل المسكين له عند الله عز وجل منزلة، يجليها قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (اللهم أحيني مسكيناً، وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين)، كما أنهم من أوائل الناس دخولاً الجنة إذا كانوا من أهل التقوى، وذلك لما في أخلاق المساكين من التواضع، والخشوع لرب العالمين سبحانه، ولذلك أحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون على مثل خلق هؤلاء، وأن يحشر معهم يوم القيامة صلوات الله وسلامه عليه.
كما أن للضعفة منزلة عند الله، فكم من إنسان نراه ضعيفاً، فقيراً، ذا حاجة، إلا أن له عند الله عز وجل منزلة، بل قد يكون ممن لو أقسم على الله لأبره، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم.