كان عمر رضي الله عنه يمشي مرة فرأى طفلة صغيرة في الشارع، وكانت تمشي قليلاً وتقع، وكانت ماشية مع عبد الله بن عمر، فغضب ونظر إلى عبد الله بن عمر فقال: ابنة من هذه؟ إنه قد ضيعها أهلها! قال: إنها ابنتك.
قال: أي بناتي؟ قال: بنت عبد الله بن عمر، يعني: بنتي، أنت لا تعطينا كما تعطي الناس، فهي لا تجد ما تأكل، وعمر شهد بذلك، وقال: البنت هذه أهلها ضيعوها.
فجعل عمر ينظر نظرة ليست نظرة الأب ولا نظرة الجد، ولا نظرة الشفقة والرحمة، ولكن نظرة الحاكم العادل، فقال له: وما يمنعك أن تكسب لها، والله لا أعطيك إلا كما أعطي آحاد المسلمين.
يعني: فاذهب واشتغل، لكن نصيبك في بيت المال مثل نصيب آحاد المسلمين، فرضي الله تعالى عن عمر.
هنا تظهر شدة عمر التي جعلت الناس يجبونه، كان شديداً في الحق فأحبه الناس رضي الله تبارك وتعالى عنه، لذلك لما قتل عمر ما من مسلم من المسلمين إلا بكى كأنه مات له أخوه أو ابنه أو قريبه، كل بيوت المسلمين؛ لأن شدته عليهم كانت لمصلحتهم، لخوفه عليهم رضي الله تعالى عنه، عرف حقوق المسلمين، وعرف الواجب عليه، فأعطى الحقوق وقام بالواجبات رضي الله تعالى عنه.