[شرح حديث:(مر رسول الله بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه)]
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:(مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال: السلام عليكم يا أهل القبور! يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر).
أنتم سلفنا ونحن بالأثر، أي: أنتم تقدمتم وسبقتم ونحن وراءكم في نفس طريقكم، فنرد الموت كما وردتم عليه.
ففي زيارة القبور عظة عظيمة للإنسان، ويضيع هذه الموعظة على الإنسان ما يكون فيه عند زيارة القبور من اشتغال بذكر الدنيا والغفلة عن تذكر الآخرة، فعلى الإنسان عندما يصل إلى المقبرة أن يكون في خشوع وصمت إلا من دعاء وذكر لله سبحانه تبارك وتعالى، ويتذكر ما فيه هؤلاء الأقوام ويعتبر بهم، وكم من إنسان تحمل جنازته ويكون له عند الله عز وجل منزلة عظيمة، وكم من إنسان آخر لا يكون له عند الله منزلة.
وكم من إنسان تشهد جنازته أعداد غفيرة من الناس يكون مذكوراً عند الناس منسياً عند الله تبارك وتعالى، وكم من إنسان يذهب به قلة من الناس إلى القبور وله عند الله عز وجل درجة عظيمة، فكثرة العدد وقلة العدد ليس دليلاً على حب الله عز وجل للعبد أو بغض الله سبحانه وتعالى للعبد، ولكن كلما كثر العدد فلعله أن يكون أدعى لإجابة الدعاء من مخلصين وموحدين لله سبحانه وتعالى عندما يدعون للميت.