من الأحاديث التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: (مر علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نعالج خصاً لنا فقال: ما هذا؟ فقلنا: قد وهى فنحن نصلحه، قال: ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك).
هنا يعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق الواقع الذي هم موجودون فيه، مازالوا يصلحون خصاً ساكنين فيه، فيمر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم لما رآهم يصلحونه فيقول:(ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك).
المعنى: أنه لعله يأتيكم الموت بعد قليل، ومثلما تستعدون بالإصلاح لأجل أن تناموا في هذا الخص وتعيشوا فيه فاستعدوا للمعيشة في الدار الآخرة، وليس المعنى أنه ينهاهم عن إصلاح شيء فسد، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلح شسع نعله بنفسه، فلا ينهى عن الإصلاح، والإصلاح مندوب إليه، ولكن أنت تتذكر هذا الخص وهذه العشة التي ستعيش فيها وأنك تصلحها لأنك ستقعد فيها، يا ترى هل أصلحت الدار الآخرة؟ أصلح آخرتك بإصلاح دنياك وعملك، فهو يذكره، وكما قال:(كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)، هل المعنى أنني أجلس في الدنيا لا آكل ولا أشرب، وإنما آكل (سندوتشات) خفيفة مثل المسافر؟ ليس المعنى هذا، وإنما يقول لك: اتخذ هذه الدنيا معبراً للآخرة، وهل الذي يعبر طريقاً إلى مكان يريد أن يصل إليه يؤجل السير في الطريق الذي هو ماش فيه أم أنه يعجل لأجل أن يسرع ويستعد للأهم الذي وراءه؟! فكأن الأمر: استعد للدار الآخرة، لا تجعل كل نفقاتك للدنيا، ولا كل تعليمك للدنيا، ولكن ليكن للدار الآخرة، فستأتي دار هي أعظم من هذه الدار التي أنت فيها فاستعد لها.