قال سبحانه:{لِلفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}[البقرة:٢٧٣].
فأموال الفيء تعطى للفقراء، وهم ضمن الذين يأخذون هذه الأموال، ويلزم الإنسان أن يبحث عنهم ويعطيهم زكاة ماله أو نفقة تطوعه.
فصفاتهم أنهم متعففون فقراء، ولكنهم أحصروا في سبيل الله، فأهل الصفة الذين في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا من فقراء المهاجرين، وكان عملهم هو الجهاد في سبيل الله، فهم محبوسون على ما يريده النبي صلى الله عليه وسلم منهم، فيرسلهم في غزو، أو في سرية، أو في بعث من البعوث، فأحصروا للجهاد في سبيل الله ولم يكن لهم طعام، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيهم إذا كان عنده، وكان أحدهم يخرج ويعمل عملاً ثم يرجع إلى موضعه في المسجد بطعام يسير فيكتفي بذلك ولا يسأل أحداً.
فالناظر إليهم من جهله بحالهم يظن أنهم أغنياء:{يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ}[البقرة:٢٧٣] من تعففهم، فهم لا يسألون أحداً شيئاً.
(تعرفهم بسيماهم) والسيما: المنظر، فصفرة وجوههم دليل على فقرهم واحتياجهم وجوعهم، وفي ثيابهم ووجوههم آثار تدل على احتياجهم وجوعهم وتعبهم.
ثم يقول سبحانه عنهم:{لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}[البقرة:٢٧٣] أي: لا يسألون أحداً شيئاً، وإن احتاجوا طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم ولا يلحون في المسألة.