للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضابط الحياء الممدوح ومتى يكون مذموماً

هناك فرق بين الحياء والخجل، فالخجل من الحياء، لكن الحياء لا يمنع من الحق، فلا يمنع الإنسان أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر، أما الخجل فقد يفعل به الإنسان ذلك، فلا يفعل ما يلزمه دينه به من أمر بمعروف ونهي عن منكر، فيخجل الإنسان أن يراه الناس وهو يصلي، فهذا ليس بحياء، بل هو عيب موجود في ذات الإنسان لا يجب أن يمدح عليه، فالحياء هو: الحياء الذي يأمرك بالخير ويمنعك من التبجح، كأن يقول أحدهم للأعور: أنت أعور في عينك، فهذا إنسان قليل الأدب، ليس هو بإنسان حقاني كما يظن نفسه، ولكن الإنسان الحقاني هو الذي يقول الحق حيثما كان، فمالك وللأعور والأعمى؟ ولكن قل للمخطئ: أنت مخطئ، وقل للمصيب: أنت مصيب، ولا يمنعنك أن هذا غني وهذا فقير عن ترك قول الحق والعمل به، فالله عز وجل قد أمرك بذلك فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء:١٣٥] ولو على نفسك، ولو على أبيك وأمك، ولو على أقربائك، وقد يكون هؤلاء فقراء فترحمهم، أو أغنياء فتخشى من سطوتهم وغناهم، قال الله: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النساء:١٣٥]، فهو الذي أمرك أن تتكلم بالحق أينما كنت، ولكن مع الإتيان بخصال الإيمان، فتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، ولا يكون في كلامك منكر، فالحياء: هو قول الحق ثم بعد ذلك يأتي الحياء.