ومن الأحاديث ما رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم).
فالبكاء من خشية الله وخاصة إذا كان الإنسان وحده أمر عظيم، فإذا جلس الإنسان وتذكر عقوبة رب العالمين وعذابه، وتذكر ما هو صائر إليه، وتذكر قول الله سبحانه:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا}[مريم:٧١] فإذا به يبكي من خوف الله سبحانه، فإذا بكى من خوف الله فإن النبي صلى الله عليه وسلم يخبر أن هذا لا يلج النار؛ لكونه خاف من الله سبحانه، والذي يخاف من الله فإن الله يجعل في قلبه الإخلاص، فجزاء الإحسان الإحسان، فأنت أحسنت بخوفك من الله فالله عز وجل يزيد إيمانك، ويوفقك للعمل الصالح، ويهديك ويزيدك هدىً، فلا تكون من أهل النار يوم القيامة.
إن الذي يبكي من خشية الله يستحق من الله أن يعينه على طريق الطاعة حتى يصل إلى جنة رب العالمين.
قوله:(لا يلج) أي: لا يدخل.
(حتى يعود اللبن في الضرع) وهذا مستحيل، فاللبن من البقرة لا يمكن أن ترجعه مرة ثانية إلى ضرعها، والمعنى: أنه طالما وهو يخاف الله سبحانه حتى يلقاه فربنا لا يعذب هذا الإنسان.
(ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم) أي: لا يمكن أن الإنسان يسير مجاهداً في سبيل الله فيقطع الطريق، ويصيبه الغبار ويدخل أنفه وصدره ثم في يوم القيامة يدخله الله النار! لا يكون من هذا شيء، وهذا وعد من الله على لسان رسوله الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه.