[شرح حديث:(ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا)]
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا).
قوله:(ليس منا) فيه زجر للإنسان الذي لا يحترم الكبير ولا يرحم الصغير، والمسلم عليه أن يهذب الصغير ويؤدبه، وذلك بأن تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر؛ لكي ينشأ الصغير رجلاً من صغره، ينشأ وهو يعرف الحلال والحرام، ويعرف الخطأ والصواب، ويسمع ويطيع طالما أنه يؤمر بالحق.
قوله:(ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا) أي: أن على المرء أن يعطف على الصغير ويعلمه ويؤدبه ويعطيه ويطعمه ويسقيه رحمة به، وأنه ينبغي عليه أن يعرف شرف الكبير، الكبير في العلم، والكبير في السن، والكبير في القدر والمقام، فيعرف شرفه فيقدره فهذه الأمة مترابطة يحترم الصغير فيها الكبير، ويعطف الكبير فيها على الصغير؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً).
أمة ليس فيها هذا الشيء أمة متفككة لا يعرف بعضهم بعضاً، مثل دول الكفر، فإن حقيقتها التفكك، يقول الله عز وجل:{تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى}[الحشر:١٤] أي: قلوبهم متفرقة، تلقى الصغير منهم لا يحترم أباه، ولو أن أباه علمه أو أدبه أو ضربه لذهب هذا الصغير إلى الشرطة يشتكي أباه، ويحاكم الأب في المحكمة، ولعلهم يضربون الأب أمام الابن؛ لكي لا يجرؤ على ضرب ابنه مرة ثانية.
والطفل في المدرسة يعطونه (تلفون) الشرطة و (تلفون) المحكمة؛ حتى إذا ضربه المعلم اتصل بهم، والمسلمون يذهبون إلى تلك البلاد ليتعلم أولادهم هذه الأخلاق من هؤلاء، ويرجعون إلى بلادهم بلا أدب ولا أخلاق ولا تربية ولا دين، بل لعلهم ينظرون إلى دينهم على أنه تخلف، وعلى أن ما تعلموه من بلاد الكفر هو الأدب والحرية، وأن هذه الأخلاق هي إلى لوصول إلى الرقي والحضارة.