شرح حديث سمرة (فما يمنعني من القول إلا أن هاهنا رجالاً هم أسن مني)
عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال:(لقد كنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غلاماً فكنت أحفظ عنه، فما يمنعني من القول إلا أن هاهنا رجالاً هم أسن مني).
كان سمرة رضي الله عنه صغير السن في عهد النبي صلوات الله وسلامه عليه، فهو يذكر أنه كان غلاماً، أي: أنه ابن أربع عشرة سنة أو ثلاث عشرة سنة، والظاهر أن هذا كان في غزوة الخندق أو غزوة أحد، لأنه جاء في أيامها أنه كان في مثل هذا السن.
فقوله:(كنت أحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم، فما يمنعني من القول إلا أن هاهنا رجالاً هم أسن مني) يعني: كان رضي الله عنه إذا جلس في مجلس فيه من هو أكبر منه سناً من الصحابة فإنهم يقولون: قال النبي صلى الله عليه وسلم كذا، وكان يسكت احتراماً لهؤلاء مع أنه حافظ لما يحفظونه وربما كان يحفظ أكثر منهم، ولكن كان يمنعه أن يقول أن هناك من هو أكبر منه سناً في المجلس، فيسكت ليتكلم الكبير ولا يتكلم رضي الله تعالى عنه.
هل يوجد مثله في زماننا هذا؟ أم أن الإنسان بمجرد أن يحفظ آية أو آيتين يكون فرحاً بهما، ويريد أن يقول في كل مجلس ويقاطع الناس في كلامهم وفي حديثهم؟! ينبغي على الإنسان المؤمن أن يتعلم العلم ابتغاء وجه الله سبحانه، فإذا احتاجوا إليه في علمه قال ما عنده، وإذا لم يحتج إليه سكت حتى يحتاج إليه، وإذا وجد غيره ممن هو أقدر منه على الإبلاغ ترك المجال له، واحتسب عند الله سبحانه وتعالى؛ لأن العلم ليس للظهور ولا للرياء، وإنما العلم ليقول قال الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليقيم شرع الله سبحانه على الإخلاص لا على الرياء والسمعة.