[فضل الصدقة والإحسان إلى ذوي القرابة]
في حديث السيدة ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله عنها أنها أعتقت وليدة ولم تستأذن النبي صلى الله عليه وسلم، وكأنها عرفت فضل العتق، وهو أن الذي يعتق مملوكاً يكون ذلك فكاكاً له من النار.
فهنا أم المؤمنين السيدة ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها كان عندها أمة فأحبت أن تبادر وتعتقها لتنال الأجر العظيم، فلما كان يومها الذي يدور فيه عليها النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (أشعرت - يا رسول الله - أني أعتقت وليدتي؟ - أي: أعرفت ذلك؟ - فقال: أوفعلت؟ قالت: نعم).
وعتق الرقبة فيه فضل عظيم جداً، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يدلها على ما هو أفضل من ذلك، فالسيدة ميمونة كان لها أخوال، وكانوا محتاجين لهذه الوليدة، فقال صلى الله عليه وسلم: (أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك).
فالإنسان أحياناً ينسى أقاربه فيقول: هذه الصدقة لله عز وجل سأعطيها لفلان.
فيعطيها لإنسان غريب عنه، ويمكن أن يكون قريبه فقيراً بجواره، لكن لم يخطر على باله أن يعطيه، وقد يخطر على باله لكنه يقول: سأعطيها للثاني.
فالسيدة ميمونة رضي الله عنها نسيت أقاربها وأعتقت الوليدة وظنت أن هذا أفضل، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك) فهم محتاجون إليها، وسيكون ذلك صدقة منك عليهم، ثم إنك لو فعلت ذلك كنت قد وصلت رحمك، فكان لك في ذلك الأجر.
ولذلك إذا أردت أن تتصدق بصدقة أو تخرج زكاة المال، فانظر إلى الأقرب من الأقارب فأعطهم بدل أن تتركهم للجيران أو للغرباء ليعطوهم فيكون لهم منة عليهم، فلماذا لا تكون أنت الذي تعطي أقاربك، فتصل الرحم بذلك، وتعطي زكاة مالك لأخيك الفقير المحتاج، أو لعمك الفقير المحتاج، أو لأختك الفقيرة المحتاجة، أو لأبناء أختك وأبناء أعمامك وأبناء إخوانك وأبناء أخواتك وأخوالك ونحو هؤلاء، إلا الأصول والفروع، فزكاة المال لا تعطى لأصل ولا لفرع، والأصول هم الأب والأم والجد والجدة، والفروع الأولاد والأحفاد، فلا يجوز لك أن تعطي زكاة المال لهؤلاء، ولكن يجوز لك أن تعطي لهؤلاء جميعهم من الصدقة.
وبعض الناس يسأل: هل يمكن أن أعطي الصدقة لأمي لتحج بها؟
و
الجواب
إذا كانت أمه لم تحج فهذه صدقة عظيمة، فلك أن تعطيها من الصدقة، أما الفريضة فلا، فزكاة المال لا تعطى للأم ولا للأب ولا للأولاد، أما الصدقة المطلقة فيجوز أن تعطى لهؤلاء إن كانوا محتاجين إليها.
وحين نقول: الزكاة لا تعطى للأصول ولا للفروع فليس معنى ذلك أن تتركهم وهم لا يجدون ما يأكلون، بل إذا كنت قد وجبت عليك الزكاة فمعنى ذلك أنك غني، وحينئذ تجب عليك النفقة لهؤلاء، فقد شرفهم الله عز وجل بأن تنفق عليهم، لا أن تعطيهم أوساخ مالك، فقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم الزكاة أوساخ الناس، ولذا لا تعطى لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ولا للأب ولا للأم ولا للأولاد، بل تعطى لغيرهم.