[شرح حديث:(من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له)]
روى مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:(بينما نحن في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على راحلة له فجعل يصرف يميناً وشمالاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له، فذكر من أصناف المال ما ذكر، حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل).
سمي السفر سفراً من الإسفار كأنه يسفر عن الشيء ويكشف عنه، ولأن الإنسان يستكشف به أرضاً جديدة لم يكن يعرفها، ويستكشف أخلاقاً في الرفقة التي معه لم يكن يعرفها، فيرى أخلاقاً عظيمة عالية ما كان يعلمها قبل ذلك، وقد يكون خلاف ذلك.
فهنا النبي صلى الله عليه وسلم كانوا في سفر، وجاء رجل على راحلة، فجعل يصرف بصره يميناً وشمالاً، فهو محتاج، ولم يدر من يسأل، وهو راكب على جمل وقد يحتاج لطعام، ولا نقول له: انحر الجمل وكله في السفر، فكيف سيكمل سفره، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم محتاجاً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام العظيم الجميل:(من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له)، يعني: لو أن إنساناً معه راحلتان فليعط راحلة لمن يحتاج إلى راحلة، فكيف يمشي ومعه ما يجعله يركب عليه.
(فليعد به على من لا ظهر له)، وهم في سفر، والمسافر قد يكون غنياً في بلده، عنده رواحل وعنده جمال في بلده، لكن الآن ليس عنده راحلة.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:(ومن كان له فضل من زاد، من طعام وشراب ونحوه فليعد به على من لا زاد له)، وذكر أصنافاً من المال.
قال الراوي وهو أبو سعيد الخدري: حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضلة، يعني لا حق لأحد منا في زيادة، فالذي معه زيادة وأخوه محتاج في السفر فليعط هذا المحتاج، ولا يبخل عليه، فإن الله يعطي الأجر العظيم، وكلما ضاق الشيء فأعطيت صديقاً كان الأجر أوسع وأعظم من الله سبحانه.