هناك الأحاديث الكثيرة التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم في كيفية نومه عليه الصلاة والسلام والأذكار التي كان يقولها وقت منامه.
فهنا يقول: عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه نام على شقه الأيمن ثم قال: اللهم أسلمت نفسي إليك)، وهذه رواية، وفي رواية أخرى أنه قال:(اللهم إني أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذين أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت).
فأخذها البراء بن عازب من النبي صلى الله عليه وسلم وحفظها وكان حفظهم عجيباً، فحفظهم كان حفظاً متقناً، فإنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم مرة فرددها بعد النبي صلى الله عليه وسلم فحفظها، ويصعب علينا أن نسمع هذا الحديث مرة بل كذا مرة ونحفظه منها.
فلما قالها النبي صلى الله عليه وسلم أعادها أمام النبي صلى الله عليه وسلم فقال الحديث:(اللهم إني أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبرسولك الذي أرسلت).
قال هكذا البراء رضي الله عنه، فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يوقفه ويقول:(وبنبيك الذي أرسلت)، فهو بدل كلمة واحدة، ولعل في ظنه أن تبديل هذه الكلمة بما هو أحسن منها أمر حسن، فإن الرسول أعلى من النبي، فكل رسول لابد أن يكون نبياً عليه الصلاة والسلام، وليس كل نبي رسولاً، فالنبي نبئ من عند الله عز وجل، وأوحي إليه من الله والرسول كذلك، والرسول أطلعه الله على شيء مغيب لا يعرفه غيره، وكان معه للناس ما يتحداهم به من عند ربه ليثبت أنه نبي من عند الله سبحانه، فالنبي يدعو الناس إلى التوحيد، ويحكم بشرع من قبله، لكن إذا أوحي إليه برسالة وأمر أن يبلغها فهذا رسول.
فكان البراء بدل لفظة بما هو أعلى منها في ظنه، فقال:(آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبرسولك الذي أرسلت)، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:(وبنبيك الذي أرسلت)، يبين له أنه ما كان من أذكار يتعبد بها فليس لك أن تبدل مبانيها ولا معانيها ولا ألفاظها، وليس لك الترجيح فيها، فأي لفظ قاله النبي صلى الله عليه وسلم على وجه التعبد عليك أن تقوله أنت أيضاً بلفظه.
وهناك فرق بين قولك:(آمنت بنبيك الذي أرسلت)، وقولك:(برسولك الذي أرسلت).
فإن قولك: برسولك الذي أرسلت تحصيل حاصل، لكن إذا قلت: بنبيك أعطيت وصفاً معيناً وهو وصف النبوة، فإذا قلت: الذي أرسلت زدت على الوصف وصفاً آخراً فكانت أجمل.