قال المؤلف رحمه الله تعالى:[باب استحباب التوسط في اللباس ولا يقتصر على ما يزري به لغير حاجة ولا مقصود شرعي].
يعني: أنك إذا تواضعت ولبست الثياب العادية، فلا يشترط فيها أن تكون مرقعة أو قذرة، ليس هذا بمطلوب شرعاً، بل تلبس ثياباً نظيفة مثل غيرك من الناس.
ففي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -أيضاً رواه الترمذي - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب أن يُرى أثر نعمته على عبده).
وفي رواية:(إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده).
وسببه:(أن رجلاً أتى للنبي صلى الله عليه وسلم وكان لابساً ثياباً رثة، تدل على أنه فقير محتاج، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا أنعم الله عز وجل عليك من أنواع المال؟ فقال: من كل أنواع المال قد أنعم الله علي) يعني: أن الله أعطاني من كل شيء، من الإبل والبقر والغنم.
قال:(إن الله إذا أنعم على عبد أحب أن يرى أثر نعمته عليه) فالله عز وجل إذا أعطاك من النعم، فلماذا تمشي في ثياب الفقراء؟ فمن المحبب أن تظهر آثار نعم الله عز وجل عليك.
فلا يجوز أن يكون الإنسان متواضعاً بحيث يصل إلى درجة البخل، فيلبس الثوب المرقع، أو الثوب غير النظيف، ولا أنه يختال ويفتخر على الناس، بل لا بد من التوسط، فيلبس الثياب الطيبة النظيفة التي يلبسها سائر الناس، ولا يترفع على الناس ولا يتعالى بل يلبس الثوب الذي إذا رآه الفقير أحب أن يأتي إليه ويكلمه ويستشعر فيه أنه متواضع؛ لأنك إذا لبست بدلة غالية الثمن خاف الفقير أن يقرب منك معتقداً أنك ذو منصب عالٍ فلا يكلمك، وأنعم بذلك أن يستشعر الفقير أنك مثله، ولو بتواضعك وحسن خلقك، فلعلك تحشر مع المساكين يوم القيامة، الذين تمنى النبي صلى الله عليه وسلم أن يحشر معهم فقال (اللهم أحيني مسكيناً، وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين).
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا مع النبي صلوات الله وسلامه عليه.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.