وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة).
فهذا الحديث قاله النبي صلى الله عليه وسلم وكان الصحابة يرددون معه صلى الله عليه وسلم وهم يحفرون الخندق، وكان يحفر صلى الله عليه وسلم بنفسه، ويرفع معهم الحجر والتراب، وذلك لما جاءت قريش بحدها وحديدها إلى المسلمين وهم في المدينة لا يقدرون على شيء، وكان جيش الكفار عظيماً لا يقدر عليه المسلمون، فما وجدوا إلا حفر الخندق من أجل أن يكون بين الكفار وبينهم، وإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك معهم، ويلتصق التراب ببطنه الشريفة صلوات الله وسلامه عليه، فكان صلى الله عليه وسلم يقول عند ذلك:(اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة) فيدعو لأصحابه الذين شاركوا في ذلك احتساباً للأجر عند الله.
وقوله:(اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة) معناه: أن الدنيا ليست هي العيش الذي ينعم به أهله، بل عيشها فيه الصفاء وفيه الكدر، وفيه الضيق وفيه السعة، وفيه الطيب وفيه الخبث، ولكن العيش الحقيقي عيش الدار الآخرة، فكان صلى الله عليه وسلم يقول ذلك مشجعاً لهم على العمل ومشجعاً لهم على الحرص على الدار الآخرة.