أورد الإمام النووي رحمه الله تعالى أحاديث عن عائشة وعن أنس وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم فيها دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للمريض، ورقيته أيضاً للمريض عليه الصلاة والسلام، فحديث عائشة فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه، أو كان به قرحة أو جرح، أي: إذا اشتكى الإنسان الشيء - سواءٌ كان به جراحة، أو قرحة بجسده - فيعوده النبي صلى الله عليه وسلم، ويضع إصبعه صلى الله عليه وسلم على التراب على الإرض، وكان سفيان راوي الحديث يضع سبابته على الأرض، ثم يضعها على المريض فيقول:(باسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفى به سقيمنا، بإذن ربنا)، فيرقي النبي صلى الله عليه وسلم المريض بهذا الدعاء الجميل، فالإنسان مخلوق من تراب، وطعامه في هذا التراب، وشفاؤه أيضاً في هذا التراب، فالنبي صلى الله عليه وسلم ينفث بريقه الكريم، ويضع يده على هذا التراب الذي خلق منه الإنسان، ويدعو ربه أن يشفي هذا المريض، ويقول:(باسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفى به سقيمنا، بإذن ربنا).
وجاء في دعائه أنه كان يقول:(اللهم رب الناس! أذهب الباس)، فقوله:(اللهم رب الناس) يعني: يا رب الناس.
(أذهب الباس، واشف، أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك) أي: أن الشفاء بيد الله سبحانه وتعالى، ويخطئ من يتوهم أن الشفاء بيد الطبيب، وأنه إذا ذهب إلى الطبيب شفاه الطبيب، فالذي يشفي هو الله، والطبيب سبب من الأسباب، وقد أمرنا بالتداوي، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:(أي عباد الله! تداووا؛ فإن الله ما أنزل داء إلا وأنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله) فالشفاء بيد الله سبحانه، فهو الذي ينزل الداء، وهو الذي ينزل الشفاء سبحانه وتعالى، والطبيب سبب من الأسباب، والعلاج سبب من الأسباب، والرقية بكتاب الله وبأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم سبب من الأسباب، ثم إذا شاء الله عز وجل شفى المريض بسبب ما أخذ من أسباب، وقد يُعلق الشفاء على دعوة، أو على تداوٍ، أو على غير ذلك، فالله يفعل ما يشاء تبارك وتعالى.
فمن الدعاء:(اللهم رب الناس! أذهب الباس) والبأس: المرض، (واشف، أنت الشافي) أي: أنت وحدك ليس غيرك، (لا شفاء إلا شفاؤك)، فالشفاء بيد الله سبحانه وتعالى، ولا شفاء بيد أحد من خلقه سبحانه، وإذا شفى إنساناً شفاه شفاءً لا يغادر سقماً، ولا يترك أثراً، وهذا شفاؤه سبحانه وتعالى في خلقه.