شرح حديث:(ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صدقاً من قلبه)
من الأحاديث التي تجعل الإنسان يرجو فضل الله ورحمته سبحانه وتعالى حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل، يعني: راكب على الجمل ومعاذ خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فنادى معاذاً قال: يا معاذ! ثلاث مرات، وكل مرة يقول: لبيك يا رسول الله وسعديك، أي: أنا مقيم على طاعتك، أو أنا أرد عليك ماذا تريد مني، فيبادر ويسارع بالتلبية، أنا مطيع لك ماذا تريد؟ وسعديك: من المساعدة والخدمة في الطاعة أي: أنا خادم لك، أنا مطيع لك، أنا باق على خدمتك وطاعتك، ومسارع إلى ذلك.
بعدما كرر ذلك ثلاث مرات كلها ليشد انتباه معاذ حتى ينتبه ما الذي يريده النبي صلى الله عليه وسلم.
قال:(ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صدقاً من قلبه) وهنا القلب مستيقن، القلب مصدق بأن الله هو وحده الذي يعبد لا إله إلا هو، وهذا الصدق في القلب يدفعه إلى العلم، وأن يوجه عبادته إلى الله فلا يشرك به أحداً سبحانه وتعالى، وأن محمداً عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه، عبد قد أوحى الله عز وجل إليه بهذه الرسالة العظيمة وبدين الإسلام، فيصدق العبد أن هذا الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم هو من عند رب العالمين، وأنه واجب عليه أن ينفذ ذلك فيطيعه في أمر الله وأمر رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
فإذا كان على ذلك فيحرمه الله على النار، قال:(إلا حرمه الله على النار، فقال معاذ فرحاً بذلك: يا رسول الله! ألا أخبر بها الناس فيستبشروا؟)، أذهب لأخبر الناس أن الذي يقول لا إله إلا الله يدخل الجنة، قال صلى الله عليه وسلم:(إذاً يتكلوا)، لعله يسمع ذلك من يفهم ويعقل معناها، ومن لا يفهم ذلك ولا يعقل معناها، فيظن أنه بمجرد ما يقول بلسانه لا إله إلا الله حتى وإن وقع في الكذب والغيبة والنميمة وشهادة الزور، أو وقع في الكبائر والصغائر والفواحش لا يهمه ذلك شيئاً، ويقول: إنني سأدخل الجنة لأني أقول: لا إله إلا الله، لذلك منع النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً أن يخبر الناس بذلك.
لكن لما جاءت وفاة معاذ رضي الله عنه أخبر بها تأثماً، يعني: خائفاً من الإثم، خاف أنه يموت ولم يبلغ حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبر بها، فهو الآن يخبر، والذي يسمع ذلك يفهم المعنى الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم منه أنك تقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله مستيقناً بذلك من قلبك، فتأتي بهذه الشهادة بشروطها كما ذكرنا قبل ذلك، وهي: العلم واليقين والقبول والانقياد والصدق والإخلاص والمحبة والولاء والبراء، فتأتي بشروط لا إله إلا الله، فيجعلك الله عز وجل من أهل الإيمان.