ومنه قول الله عز وجل في سورة العنكبوت:{وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}[العنكبوت:٦٤].
قوله:{وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ}[العنكبوت:٦٤]، أي: دار الحياة الهادئة، الناعمة، المطمئنة ودار الحياة الحقيقية، الدائمة الأبدية السرمدية.
ثم بين جهلهم بها فقال سبحانه:{إِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}[العنكبوت:٦٤]، إذ لو كان الناس يعلمون ذلك، لعلموا أن الآخرة خير وأبقى ولعملوا للآخرة وتركوا التكثر من الدنيا.
ومن الأحاديث التي تؤكد هذا المعنى حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لو كان لي مثل أحد ذهباً لسرني ألا تمر علي ثلاث ليال وعندي منها شيء إلا شيئاً أرصده لدين).
أي: لو كان عند النبي صلى الله عليه وسلم مثل جبل أحد من الذهب، ما ادخره ولا جمعه للورثة ولا لغيرهم، بل إن الأنبياء لا يورثون؛ لقطع أمل ذرياتهم عن الدنيا، وإن وجد ميراث لأحد منهم فإنه يوزع على الفقراء والمحتاجين، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(نحن معاشر الأنبياء لا نورث؛ ما تركناه صدقة).
ولذا لو كان عند النبي صلى الله عليه وسلم شيء، ما ادخره أكثر من ثلاثة أيام إلا أن يكون عليه دين فيدخر بعضه لسداده، وذلك لأن قضاء الدين من الأشياء اللازمة، وفي الحديث بيان لخطورة أمر الدين.