فقول النبي صلى الله عليه وسلم:(اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، وأكرم نزله)، أي: المكان الذي نزل فيه، وكأن المقصود الضيافة؛ لأن النزل هو: الضيافة، فكأن هذا الميت ضيفاً على الله عز وجل، فكأنك تقول لله عز وجل: هذا ضيف نزل عندك، فأكرم هذا الضيف، كما أمرتنا أن نكرم الضيوف في الدنيا، فتفضل عليه بأن تكرمه، وقد نزل عندك.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم:(وأكرم نزله ووسع مدخله)، فلأن القبر إما أن يضيق على صاحبه، فيكون ضيقاً جداً، وإما أن يوسع لصاحبه فيكون كمد البصر، وذلك بحسب عمل صاحب القبر، الذي عمله في الدنيا.
وكذلك إما يكون القبر روضة من رياض الجنة، أي: جنة عظيمة، ورياض واسعة، وإما أن يكون حفرة -والعياذ بالله- من حفر النار.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم:(ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس) أي: نقه من الخطايا، واغفرها له، واغسلها وامحها عنه، بحيث يصير نقياً كالثوب الأبيض ناصع البياض الذي ليس فيه شيء من آثار الدنس.
وقوله صلى الله عليه وسلم:(وأبدله داراً خيراً من داره)؛ لأن داره كانت في الدنيا بكدرها وضيقها، فدعا له صلى الله عليه وسلم بأن يبدله داراً هي أفضل منها، وهي: الجنة.
وقوله صلى الله عليه وسلم:(وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه) يعني: من الحور العين في الجنة، إذا أدخله الله عز وجل جنته.
وقوله صلى الله عليه وسلم:(وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار)، فيه عظم هذا الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم في معافاة هذا الإنسان في كل أحواله، من وقت ما يقدم على ربه وهو في قبره إلى أن يبعث، ويدخل الجنة.
ولذلك فإن الصحابي راوي الحديث تمنى أن يكون هو هذا الإنسان المتوفي، ولا يوجد أحد يتمنى الموت، ولكن مع هذا الدعاء العظيم من النبي صلى الله عليه وسلم -ودعاءه مستجاب عليه الصلاة والسلام- فقد تمنى أن يكون هو هذا الميت.