للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرح قوله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم إنه هو الغفور الرحيم)]

فإذا يئس العبد من رحمة رب العالمين سبحانه، قد يقع في الكفر، فرحمة رب العالمين واسعة، والله يخوفنا من أجل أن نعمل صالحاً، لا من أجل أن نترك العمل.

ولذلك فالمؤمن عندما يذكر الناس الخوف يذكرهم بالرجاء، من أجل أن يجمع الإنسان بين الخوف والرجاء، فيغلب الخوف على الرجاء في الدنيا، فإذا كان عند الموت يغلب جانب الرجاء وينتظر رحمة رب العالمين سبحانه وتعالى.

والرجاء جاء في القرآن في آيات كثيرة، ففي قول الله سبحانه: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:٥٣].

المؤمن لا يخاف من الذنوب فإن باب التوبة مفتوح ولا أحد يمنعه من التوبة، والخائف من العذاب يتوب إلى الله، وربنا عظيم كريم رحيم سبحانه، فمن تاب إلى الله تاب الله عز وجل عليه، بشرط أن تكون التوبة توبة صادقة.

وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر:٥٣] فالله يغفر الذنوب لمن تاب حتى الشرك يغفره الله عز وجل إذا تاب العبد منه، أما الذي لا يتوب من الشرك فهذا لا يغفر، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء:٤٨].

فالله لا يغفر أن يشرك به ما لم يتب العبد من هذا الشيء، فإذا تاب من الكفر أو الشرك أو الردة، ورجع إلى الإسلام فالله كريم وعفو غفور وحليم سبحانه.

وقال سبحانه وتعالى: {وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} [سبأ:١٧].

فلا يجزى يوم القيامة إلا من كفر بالله سبحانه، وجحد نعم الله سبحانه، ولم يشكر ربه الذي أنعم عليه، وقال تعالى: {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [طه:٤٨].

فالذي يستحق العذاب، من كذب وتولى عن ربه سبحانه وتعالى.

فالمؤمن عندما تثقل عليه الذنوب يتذكر العذاب، ويصبر على طاعة الله سبحانه ويرجو رحمة الله، فالله يقبل توبة العبد إذا تاب إليه.