عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال أبو بكر لـ عمر رضي الله عنهما بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلق بنا إلى أم أيمن.
وأم أيمن هي حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم وخادمة النبي صلى الله عليه وسلم في طفولته، ولما كبر النبي صلى الله عليه وسلم أعتق أم أيمن رضي الله تبارك وتعالى عنها، وزوجها من حبه، زيد بن حارثه، فأنجبت له أسمامة بن زيد رضي الله تبارك وتعالى عنه.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبرها ويقول: أم أيمن أمي، فقد ربت النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد أن مات النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر لـ عمر: انطلق بنا نزورها، يعني نبرها، فإنها كانت للنبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة أمه، فقد كانت خادمته، وحاضنته، وكان يقول عنها أمي.
فذهبا إليها، فلما انتهيا إليها بكت رضي الله تبارك وتعالى عنها، وتذكرت أيام النبي صلى الله عليه وسلم وزيارة النبي صلى الله عليه وسلم لها، وكيف كان يفضلها ويعطيها، وأحياناً كانت تتعنت في أشياء فيعطيها النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يرضيها صلوات الله وسلامه عليه.
فلما سألاها: ما يبكيك، أما تعلمين أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهذا حق، فما عند الله خير للمؤمنين، فكيف بالنبي صلوات الله وسلامه عليه، لا شك أنه خلص من هذه الدنيا ومن بلائها ومن مصائبها ومما فيها من شرور، ونجا صلوات الله وسلامه عليه، وذهب للقاء ربه عز وجل، فيصبرنها بأن ما عند الله خير من هذه الدنيا.
فقالت: أنا لا أشك في هذا، أنا أعرف أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن أبكي على شيء آخر، أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء، يعني كان ينزل الوحي بالحق عند رب العالمين.
وطالما أن الوحي ينزل ففيه رحمة تنزل من السماء، ولما مات النبي صلى الله عليه وسلم انقطع هذا الوحي والرحمة التي كانت تنزل من السماء، فأبكي على ذلك، فهيجتهما على البكاء، فبكيا رضي الله تبارك وتعالى عنهم جميعاً.
والغرض منه بيان زيارة أبي بكر الصديق وعمر رضي الله تبارك وتعالى عنهما لهذه المرأة الصالحة الفاضلة التي كانت مربية النبي صلى الله عليه وسلم يوماً من الأيام.