[ما جاء في الوالي العادل]
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الإمام النووي رحمه الله: [باب الوالي العادل.
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل:٩٠]، وقال تعالى: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات:٩].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله تعالى، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه)] متفق عليه.
قال الإمام النووي رحمه الله: [باب الوالي العادل].
الوالي: هو من يتولى أمور الناس سواء كان حاكماً أو أميراً أو قائماً على مجموعة من الناس يتولى أمرهم، فالإنسان الذي يتولى أمر الناس ويعدل فيهم فقد صدق ما أمر الله عز وجل به في قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:٩٠].
فأمر الله بالعدل، فكل إنسان يوليه الله عز وجل شيئاً صغر أو كبر فلا بد من العدل في ولايته، وهو يأتي يوم القيامة مغلولاً، فالعدل يفك هذا الإنسان أو يوبقه، سواء كان حاكماً أو قاضياً أو مسئولاً عن أناس، فيلزمه أن يعدل في حكمهم، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل:٩٠]، فتتعامل مع الناس بمنطلق العدالة فبدأ بها، أو بالإحسان؛ فلعله يصعب أن يحسن الإنسان مع كل الناس فعلى الأقل اعدل مع الجميع.
فبدأ بما يقدر عليه كل إنسان وهو العدل ثم ثنى بالإحسان وهي الدرجة الأعلى والأعظم، فعليك أن تحسن مع الناس وتكسب أجر الله سبحانه، فبالإحسان إلى الناس تستجلب المحبة بينك وبينهم، ورضا الله سبحانه تبارك وتعالى فوق ذلك.
فأمرك الله بالإحسان، وبدأ بالعدل، فتعدل في أهلك، وتعدل في مالك، وتعدل فيما ولاك الله سبحانه تبارك وتعالى.
وقال: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات:٩] (أقسطوا) أي: اعدلوا {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، المقسط: اسم فاعل من الفعل الرباعي (أقسط)، فإذا حذفت منه همزته عُكس ما فيه من معنى، فقسط بمعنى: جار وظلم، قال الله سبحانه: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ} [الجن:١٤]، أي منهم العادلون الصالحون ومنهم القاسطون، {فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ} [الجن:١٤ - ١٥]، فيكون جزاءهم {فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [الجن:١٥].
فالله عز وجل أمر بالقسط أي: بالعدل، فيقسط المسلم في حكمه وفي أهله وفيما ولاه الله سبحانه تبارك وتعالى، فإذا صار مقسطاً كان قريباً من الله سبحانه، وإذا انعكس وصار قاسطاً ظالماً كان بعيداً عن الله يستحق العقوبة يوم القيامة.