جاء عنه صلى الله عليه وسلم فيما رواه عمر رضي الله عنه، قال:(إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله).
وهذا فيه قصةً وهي: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما طعنه الملعون أبو لؤلؤة المجوسي ما كان من السيدة حفصة رضي الله عنها مع عظيم المصيبة إلا أن رفعت صوتها بالبكاء، فقال عمر رضي الله عنه: يا حفصة! أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (المعوَّل عليه يعذب)، وعول صهيب رضي الله عنه ورفع صوته بالبكاء على عمر رضي الله عنه يقول: وأخاه واصاحباه! فقال عمر: يا صهيب! أما علمت أن المعول عليه يعذب؟ وفي رواية:(إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه)، وفي رواية:(يعذب في قبره)، وفي رواية:(يوم القيامة بما نيح عليه).
ففيه: أن الإنسان الذي يرفع صوته بالبكاء والصياح والعويل على الميت يتسبب في عذاب الميت في قبره، وفي عذابه يوم القيامة.
والجمهور على أن ذلك في الإنسان الذي يوصي بذلك، أو يعلم من حال أهله أنهم يفعلون ذلك فلا ينهاهم عنه، فهو يعذب؛ لأنه لم ينههم في حياته، وهو يعلم أن ذلك من خصالهم.
فيجب على المسلم أن يوصي أهله بألا ينوحوا عليه ولا على غيره، ويحذرهم من ذلك.
والمحمل الثاني: أن الميت يعذب ويتألم بسبب ذلك، فإذا مات إنسان مؤمن وناحت عليه امرأته، وقد نهاهم عن ذلك فلا عذاب عليه في قبره، ولا في يوم القيامة، ولكن الميت يتألم ببكاء أهله، وبصياح الحي عليه، فيكون هذا عذاباً معنوياً ونفسياً للميت.
نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.