وروى مسلم من حديث طارق بن أشيم رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله تعالى).
والمعنى: أن الإنسان إذا أتى بكلمة التوحيد، وكفر بما يعبد من دون الله فذلك هو مقتضى كلمة التوحيد، إذ إن معنى كلمة التوحيد: لا إله يستحق العبادة إلا الله الإله الواحد الرب سبحانه وتعالى.
وقوله:(أشهد أن محمداً رسول الله) أي: أنه يتوجه إلى ربه سبحانه وتعالى بالعبادة، وهذه العبادة التي جاءت على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، فهو متبع للنبي صلى الله عليه وسلم ليس مبتدعاً، وليس مخترعاً من قبل نفسه.
فالإنسان المؤمن يعرف هذه الكلمة حق المعرفة، فيعلم أن الله سبحانه وتعالى هو الإله، الذي يستحق العبادة، وأن عبادة الله ليست باختراع ولا ابتداع، وإنما عن طريق هدي محمد الرسول صلوات الله وسلامه عليه، فما جاء به من كتاب وسنة عبد الله سبحانه وتعالى عن طريقه.
قوله:(وكفر بما يعبد من دون الله) وهذا معنى: (لا إله)، إذ إن (لا إله) تعني: لا إله من الآلهة الباطلة يستحق العبادة، بل يكفر بكل الآلهة الباطلة؛ لقول الله عز وجل:{فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا}[البقرة:٢٥٦]، فمن كفر بكل ما يعبد من دون الله ولم يوجه العبادة إلا إلى الله وحده لا شريك له، فقد حرم ماله ودمه، ويظل ذلك التحريم مقيداً بالقيد الأول:(إلا بحق الإسلام).
وعلى ذلك فالإنسان المسلم معصوم الدم لكونه مسلماً، إلا إذا أتى بشيء يستحق عليه أن يقتص منه في النفس، أو في الأعضاء، وكذلك هو معصوم المال، إلا إذا أتى بشيء يستحق عليه أن يدفع ثمن الجناية التي جناها، أو ثمن الإتلاف والإفساد الذي أفسده، فلو أنه أفسد مال غيره وجب عليه أن يدفع ثمن هذا الذي أفسده، وأن يصلح ما أفسده.