[الله تعالى يحب الرفق]
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد: قال الإمام النووي رحمه الله: [باب الحلم والأناة والرفق.
عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله عز وجل كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته) رواه مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه, وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله تعالى) متفق عليه.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبركم بمن يحرم على النار أو بمن تحرم عليه النار؟ تحرم على كل قريب هين لين سهل) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن].
هذا الباب في الحلم والأناة والرفق.
والحلم صفة من الصفات التي ينبغي أن يتخلق بها الإنسان المؤمن، فيكون حليماً في معاملته للخلق، ولا يكون عذولاً، وإنما يكون متأنياً حليماً رفيقاً بالخلق.
قال الله عز وجل: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:١٩٩].
وجاء في حديثه صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري ومسلم عن عائشة: (إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله).
والإنسان الرفيق حري بأن يعامله الله عز وجل هذه المعاملة، فالله كريم وحليم تبارك وتعالى، فإذا كان الإنسان كريماً فإن الله يعامله بكرمه، وإذا كان رحيماً وحليماً فإن الله يعامله برحمته وحلمه سبحانه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف) فإذا كان الأمر يأتي بالرفق ويأتي بالعنف والنتيجة واحدة فما كان بالرفق فهو أصوب وأفضل عند الله عز وجل فتعامل مع الناس برفق، وأمر بالمعروف وانه عن المنكر برفق، حتى يكون لك في الحالين الأجر عند الله سبحانه، فإن أمرك بالمعروف معروف، ونهيك عن المنكر أيضاً معروف.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من يحرم الرفق يحرم الخير كله) فمن يحرم الرفق يحرمه الله عز وجل الخير كله، ومن أعظم الخصال التي تكون في قلب المؤمن أن يكون رفيقاً وحليماً، فيأخذ بالرفق، فإذا حرمه الله عز وجل ذلك كان متهوراً ومندفعاً ومؤذياً، فيؤذي نفسه ويؤذي غيره، فيحرم الخير كله.