للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٧٧٠ - والذي ذكرنا عن أبي موسى الأشعري أنهم كانوا يقرءون:"لو أن لابن آدم واديين من مال لابتغى لهما ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب". ثم رفع. (١)

وما أشبه ذلك من الأخبار التي يطول بإحصائها الكتاب.

وغير مستحيل في فطرة ذي عقل صحيح، ولا بحجة خبرٍ أن ينسي الله نبيه صلى الله عليه وسلم بعض ما قد كان أنزله إليه. فإذْ كان ذلك غير مستحيل من أحد هذين الوجهين، فغير جائز لقائل أن يقول: ذلك غير جائز.

وأما قوله: (ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك) ، فإنه جل ثناؤه لم يخبر أنه لا يذهب بشيء منه، وإنما أخبر أنه لو شاء لذهب بجميعه، فلم يذهب به والحمد لله، بل إنما ذهب بما لا حاجة بهم إليه منه، وذلك أن ما نسخ منه فلا حاجة بالعباد إليه. وقد قال الله تعالى ذكره: (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ) [الأعلى: ٦-٧] ، فأخبر أنه ينسي نبيه منه ما شاء. فالذي ذهب منه الذي استثناه الله.

فأما نحن، فإنما اخترنا ما اخترنا من التأويل طلب اتساق الكلام على نظام في المعنى، لا إنكار أن يكون الله تعالى ذكره قد كان أنسى نبيه بعض ما نسخ من وحيه إليه وتنزيله. (٢)

* * *


(١) الحديث: ١٧٧٠ - ذكره الطبري تعليقا. وهو جزء من حديث طويل، رواه مسلم ١: ٢٨٦، من حديث أبي موسى الأشعري. وذكره السيوطي في الدر المنثور١: ١٠٥، ونسبه أيضًا لابن مردويه، وأبي نعيم في الحلية، والبيهقي في الدلائل.
وقد أفاض السيوطي في الإتقان ٢: ٢٩ - ٣٢ (طبعة المطبعة الموسوية بمصر سنة ١٢٨٧) - في هذا البحث، ونقل روايات كثيرة فيه.
(٢) في المطبوعة: "قد كان آتى نبيه بعض ما ننسخ"، والصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>