(٢) "عنه إلى غيره" متعلق بقوله: لا يعدلني. . "، في البيت قبله. (٣) أفرطت: أي جاوزت الحد. و"قصدت" من القصد: وهو العدل بين الإفراط والتقصير. والثلب: العيب والذم. (٤) قوله"فيك" أي بسببك ومن أجلك. والضجاج مصدر: ضاجه يضاجه (بتشديد الجيم) مضاجة وضجاجا: وهو المشاغبة مع الصياح والضجيج. واللجب: ارتفاع الأصوات واختلاطها طلبا للغلبة. (٥) هذب الشيء: نقاء وخلصه وطهره من كل ما يعيبه. وقوله"المهذب في النسبة"، أي المهذب النسبة، وأدخل"في" للتوكيد، بمعنى الزيادة. ونص الشيء: رفعه وأظهره وأبانه. يعني أبان فضلهم على غيرهم. (٦) من شاء أن يعرف فضل ما بين عقلين من عقول أهل الذكاء والفطنة، فلينظر إلى ما بين قول أبي جعفر في حسن تأتيه، وبين قول الجاحظ في استطالته بذكائه حيث يقول في كتابه الحيوان ٥: ١٦٩ - ١٧١. ومن المديح الخطأ، الذي لم أر قط أعجب منه قول الكميت بن زيد، وهو يمدح النبي صلى الله عليه وسلم: فلو كان مديحه لبني أمية لجاز أن يعيبهم بذلك بعض بني هاشم، أو لو مدح به بعض بني هاشم، لجاز أن يعترض عليه بعض بني أمية، أو لو مدح أبا بلال الخارجي لجاز أن تعيبه العامة، أو لو مدح عمرو بن عبيد لجاز أن يعيبه المخالف، أو لو مدح المهلب، لجاز أن يعيبه أصحاب الأحنف، فأما مديح النبي صلى الله عليه وسلم. فمن هذا الذي يسوؤه ذلك؟ " ثم أنشد الأبيات السالفة، وقال:"ولو كان لم يقل فيه عليه السلام إلا مثل قوله: وبورك قبر أنت فيه وبوركت ... به وله أهل بذلك يثرب لقد غيبوا برا وحزما ونائلا ... عشية واراك الصفيح المنصب فلو كان لم يمدحه عليه السلام إلا بهذه الأشعار التي لا تصلح في عامة العرب، لما كان بالمحمود، فكيف مع الذي حكينا قبل هذا؟ ". والجاحظ تأخذ قلمه أحيانا مثل الحكة، لا تهدأ من ثوراتها عليه حتى يشتفى منها ببعض القول، وببعض الاستطالة، وبفرط العقل! ومع ذلك، فإن النقاد يتبعون الجاحظ ثقة بفضله وعقله، فربما هجروا من القول ما هو أولى، فتنة بما يقول.