للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكما قال جميل بن معمر:

ألا إن جيراني العشية رائح ... دعتهم دواع من هوى ومنادح (١)

فقال:"ألا إن جيراني العشية" فابتدأ الخبر عن جماعة جيرانه، ثم قال:"رائح"، لأن قصده - في ابتدائه ما ابتدأ به من كلامه - الخبر عن واحد منهم دون جماعتهم، وكما قال جميل أيضا في كلمته الأخرى:

خليلي فيما عشتما، هل رأيتما ... قتيلا بكى من حب قاتله قبلي (٢)

وهو يريد قاتلته، لأنه إنما يصف امرأة، فكنى باسم الرجل عنها، وهو يعنيها. فكذلك قوله: (ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير * ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض) ، وإن كان ظاهر الكلام على وجه الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه مقصود به قصد أصحابه. وذلك بين بدلالة قوله: (وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير * أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى


(١) لم أجد البيت فيما طبع من شعر جميل، ولا فيما جمعته منه. والمنادح: البلاد الواسعة البعيدة. كأنهما جمع مندوحة، حذفت ياؤه. وقال تميم بن أبي بن مقبل. وإني إذا ملت ركابي مناخها ... ركبت، ولم تعجز على المنادح
وربما حسن أن يقال: إنه جمع لا واحد له من لفظه، كمحاسن مشابه، والواحد من ذلك ندح وجمعه أنداح: وهو ما اتسع من الأرض.
(٢) الأمالي ٢: ٧٤، والأغاني ١: ١١٧، ٧: ١٤٠، وهي قصيدة من جيد شعر جميل.

<<  <  ج: ص:  >  >>