للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بمعنى: ضمنت رزق عيالنا أرماحنا في قول بعض نحويي البصريين. وأما بعض نحويي الكوفيين فإنه كان يقول: أدخلت الياء فيه، لأن تأويله: ومن يرد بأن يلحد فيه بظلم. وكان يقول: دخول الباء في أن أسهل منه في "إلحاد" وما أشبهه، لأن أن تضمر الخوافض معها كثيرا، وتكون كالشرط، فاحتملت دخول الخافض وخروجه، لأن الإعراب لا يتبين فيها، وقال في المصادر: يتبين الرفع والخفض فيها، قال: وأنشدني أبو الجَرَّاح:

فَلَمَّا رَجَتْ بالشُّرْبِ هَزَّ لَها العَصَا ... شَحَيحٌ لهُ عِنْدَ الأدَاءِ نَهِيمُ (١)

وقال امرؤ القيس:

ألا هَلْ أتاها والحَوَادِثُ جَمَّةٌ ... بأنَّ أمرأ القَيْسِ بنَ تَمْلِكَ بَيْقَرَا (٢)

قال: فأدخل الباء على أن وهي في موضع رفع كما أدخلها على إلحاد، وهو في موضع نصب، قال: وقد أدخلوا الباء على ما إذا أرادوا بها المصدر، كما قال الشاعر:


(١) هذا البيت من شواهد الفراء تلميذ الكسائي وهما زعيما نحاة أهل الكوفة وهو مما أنشده إباه أبو الجراح أحد الأعراب الذين كان يأخذ عنهم اللغة (انظره في معاني القرآن للفراء، الورقة ١٠ من مصورة الجامعة) . والنهيم كما في (اللسان: نهم) : صوت كأنه زحير. وقيل صوت فوق الزئير. والنهيم صوت وتوعد وزجر. والضمير في لها: لعله راجع إلى الإبل التي أرادت الشرب، حتى إذا كادت تبلغ الماء، هز لها العصا، وردها عنه، رجل له صوت شديد منكر. والشاهد في البيت أن الباء الزائدة في قوله (بالشرب) داخلة على مصدر صريح، وأن الفراء يرى أن دخولها على المصدر المؤول بأن أو بما والفعل، أحسن من دخولها على المصدر الصريح. وقال الفراء: قوله " ومن يرد فيه بإلحاد بظم " دخلت الباء في الإلحاد، لأن تأويله: ومن يرد بأن يلحد فيه بظلم، ودخول الباء في " أن " أسهل منه في الإلحاد، وما أشبه، لأن " أن " تضمر الخفوض معها كثيرا (يريد حروف الخفض) فاحتملت دخول الخافض وخروجه، لأن الإعراب لا يتبين فيها، وقل في المصادر (أي الصريحة) لتبين الخفض والرفع فيها؛ أنشدني أبو الجراح: " فلما رجت بالشرب هز لها العصا ". . . . البيت.
(٢) البيت لامرئ القيس بن حجر (العقد الثمين لألولاد ص ١٣٠) وليس في رواية الأعلم الشنتمري لديوان امرئ القيس. والبيت شاهد كالذي قبله على أن الباء في قوله (بأن) زائدة في المصدر المؤول المرفوع وهي أحسن منها في المصدر الصريح لخفاء الإعراب معها. وهو من شواهد الفراء في معاني القرآن، ساقه مع الشاهد الذي قبله (انظر معاني القرآن للفراء، الورقة ٣١٠) قال: أدخل الباء على (أن) وهي في موضع رفع كما أدخلها على الإلحاد بظلم، وهو في موضع نصب.

<<  <  ج: ص:  >  >>