للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُرِيكَ -إذَا دَخَلْتَ على خَلاء، ... وَقَدْ أمِنَت عُيُونَ الكاشِحِينا- (١)

ذِرَاعَىْ عَيْطَلٍ، أدْماءَ، بِكْرٍ، ... هِجَانِ الّلوْن، لَمْ تَقْرَأ جَنِينا (٢)

يعني بقوله: "لم تقرأ جنينًا"، لم تضمُمْ رحمًا على ولد.

١١٩- وذلك أن بشر بن مُعاذ العَقَديّ حدثنا قال: حدثنا يزيد بن زُرَيْع قال: حدثنا سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قتادةَ في قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} يقول: حفظه وتأليفه، {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} اتَّبع حلاله، واجتنب حرامه.

١٢٠- حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، قال: حدثنا محمد بن ثور، قال: حدثنا معمر، عن قتادة بمثله. (٣)

فرأى قتادة أن تأويلَ "القرآن": التأليفُ.

قال أبو جعفر: ولكلا القولين -أعنى قولَ ابن عباس وقول قتادة- اللذين حكيناهما، وجهٌ صحيح في كلام العرب. غيرَ أنّ أولى قولَيْهما بتأويل قول الله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} قول ابن عباس.

لأن الله جلّ ثناؤه أمر نبيه في غير آيةٍ من تنزيله باتباع ما أوحى إليه، ولم يرخِّص له في ترك اتباع شيء من أمره إلى وقتِ تأليفِه القرآنَ له. فكذلك قوله: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} نظير سائر ما في آي القرآن التي أمره الله فيها باتباع ما أوحى إليه في تنزيله.


(١) من معلقته المشهورة. والضمير في قوله: "تريك" إلى أم عمرو صاحبته. والكاشح: العدو المضمر العداوة، المعرض عنك بكشحه. وقوله: "على خلاء"، أي على غرة وهي خالية متبذلة.
(٢) العيطل: الناقة الطويلة العنق في حسن منظر وسمن. والأدماء: البيضاء مع سواد المقلتين، وخير الإبل الأدم، والعرب تقول: "قريش الإبل أدمها وصهبها"، يعنون أنها في الإبل كقريش في الناس فضلا. ووصفها بأنها بكر، لأن ذلك أحسن لها، وهي في عهدها ذلك ألين وأسمن. وهجان اللون: بيضاء كريمة. وسيأتي هذا البيت الثاني في تفسير الطبري ٢٩: ١١٨ "بولاق".
(٣) الأثر ١١٩، ١٢٠- سيأتي بإسناديه في تفسير سورة القيامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>