للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قط فرض الصلاة في [المسجد المقدس، فمنعوا من الصلاة فيه فيلجئون] توجيه قوله (١) (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه) إلى أنه معني به مسجد بيت المقدس - فقد أخطأ فيما ظن من ذلك. وذلك أن الله جل ذكره إنما ذكر ظلم من منع من كان فرضه الصلاة في بيت المقدس من مؤمني بني إسرائيل، وإياهم قصد بالخبر عنهم بالظلم والسعي في خراب المسجد. وإن كان قد دل بعموم قوله: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه) ، أن كل مانع مصليا في مسجد لله، (٢) فرضا كانت صلاته فيه أو تطوعا-، وكل ساع في إخرابه فهو من المعتدين الظالمين.

* * *

القول في تأويل قوله جل ذكره {أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلا خَائِفِينَ}

قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله عز وجل عمن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، أنه قد حرم عليهم دخول المساجد التي سعوا في تخريبها، ومنعوا عباد الله المؤمنين من ذكر الله عز وجل فيها، ما داموا على مناصبة الحرب، إلا على خوف ووجل من العقوبة على دخولهموها، كالذي:-

١٨٢٧- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين) ، وهم اليوم كذلك، لا يوجد نصراني في بيت المقدس إلا نهك ضربا، وأبلغ إليه في العقوبة.

١٨٢٨- حدثنا الحسن قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة: قال الله عز وجل: (ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين) ، وهم النصارى، فلا يدخلون المسجد إلا مسارقة، إن قدر عليهم عوقبوا.

١٨٢٩- حدثنا موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (أولئك ما كان لهم إن يدخلوها إلا خائفين) ، فليس في الأرض رومي يدخلها


(١) الذي بين القوسين، هكذا جاء في النسخ المطبوعة والمخطوطة السقيمة. ولم أجد نقلا عن أبي جعفر يهديني إلى تصويب هذا الخلط. فاجتهدت أن استظهر سياق كلامه. فأقرب ما انتهيت إليه أن يكون فيه سقطا وتحريفا، وأن يكون سياقه كما يلي:
[إذ كان المسلمون هم المخاطبون بالآيات التي سبقت هذه الآية، وكان المسلمون لم يلزمهم قط فرض الصلاة في مسجد بيت المقدس، فمنعوا من الصلاة فيه، وكان النصارى واليهود لم يمنعوهم قط من الصلاة فيه، فيجوز توجيه قوله -:} وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} - إلى أنه معنى به مسجد بيت المقدس] . هذا اجتهادي في قراءة هذا النص المختلط، والله أعلم.
(٢) في المطبوعة: "في مسجد الله"، والصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>