وإنما وصف جل ثناؤه من وُصف بما وصف به من متبعي التوراة، وأثنى عليهم بما أثنى به عليهم، لأن في اتباعها اتباع محمد نبي الله صلى الله عليه وسلم وتصديقه، لأن التوراة تأمر أهلها بذلك، وتخبرهم عن الله تعالى ذكره بنبوته، وفرض طاعته على جميع خلق الله من بني آدم، وأن في التكذيب بمحمد التكذيب لها. فأخبر جل ثناؤه أن متبعي التوراة هم المؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم، وهم العاملون بما فيها، كما:-
١٩٠٥- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:(أولئك يؤمنون به) ، قال: من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من بني إسرائيل، وبالتوراة، وإن الكافر بمحمد صلى الله عليه وسلم هو الكافر بها الخاسر، كما قال جل ثناؤه:(ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون) . (١)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (١٢١) }
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (ومن يكفر به) ، ومن يكفر بالكتاب الذي أخبر أنه يتلوه - من آتاه من المؤمنين - حق تلاوته. ويعني بقوله جل ثناؤه:(يكفر) ، يجحد ما فيه من فرائض الله ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وتصديقه، ويبدله فيحرف تأويله، أولئك هم الذين خسروا علمهم وعملهم، فبخسوا أنفسهم حظوظها من رحمة الله، واستبدلوا بها سخط الله وغضبه. وقال ابن زيد في قوله، بما:-
١٩٠٦- حدثني به يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد:
(١) انظر ما سلف في معنى"الخاسر" ١: ٤١٧ ثم هذا الجزء ٢: ١٦٦.